الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/10/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الهندسة الوراثية

 قلنا فيما تقدم ان التصرفات في الهندسة الوراثية سواء كان محللا او محرما فانه له اثار وضعية مترتبة على التصرف في الجينات وتتعدى مرتكبيها

 فبطلان النسب أو عدم ثبوت النفقة أو عدم التوارث يتعدى من تصرف في الجينات الى غيره

 بالنسبة الى النسب نقول ان الاسلام شرع الزواج كوسيلة ضامنة لاثبات النسب على وجه صحيح

 وكون الزواج وسيلة ضامنه للنسب الصحيح اطلق عليه الفقهاء (الفراش) فنفس الزواج سبب لاثبات البنوّة

واثبات الفراش يتحقق بشروط

الاول: امكان الاحبال من الزوج بان يكون بالغا

الثاني: ولادة الولد بعد ستة اشهر من الزواج

الثالث: امكان وطئ الزوج لزوجته بحيث لاتكون بعيدة عنه مكاناً

 فالنسب يثبت بقاعدة الفراش

كما ان النسب يثبت بامور

 الزواج الفاسد كما اذا تحقق الزواج بدون عقد لفظي او بدون رضى احد الطرفين فالعقد فاسد لكن النسب يثبت بين الاولاد وآبائهم

 وكذا يثبت النسب بوطئ الشبهة كما لو اشتبه الزوج او الزوجة بتصور ان هذا هو زوجها والزوج تصور انها زوجته فلو حصل الوطئ وتحقق منه الانجاب فهنا يثبت النسب

 وكذا يثبت النسب في حالة الاقرار كما لو اقر الشخص بان هذا ولده

 وكذا يثبت النسب بالبيّنة والشهادة على النسب

 وايضا يثبت النسب بقيام الشهادة على الشهادة

 وكذا يثبت بالشهادة على الشياع أو الشهرة

 فهذه الطرق من الشارع لاثبات النسب انما هي امارات على ثبوت النسب

 بالنسبة للهندسة الوراثية للجينات يكون الماء الذي تكوّن منه هذا الجنين ليس كله من الزوجين بل ادخلت فيه مياه جنسية واخرجت منه مياه جنسية اخرى

 وحينئذ فتلك الطرق الشرعية التي جعلها الشارع لاثبات النسب لاتأتي هنا لان الطرق الشرعية التي ذكرناها هي طرق مثبتة للنسب مع كون الماء هو ماء الزوجين او هي طرق مع عدم العلم ان الماء هو ماء غير الزوجين

 بينما في الهندسة الوراثية نعلم بان الماء ليس ماء الزوجين فقط بل فيه اضافات من غيرهما فلا تثبت الطرق المتقدمة لاثبات النسب

 ومع عدم اثبات النسب فلايثبت الارث بين الجنين والابوين

 كما لاتثبت الاخوّة بينه وبين اولاد سابقين للزوجين

 وهكذا تتفرع فروع كثيرة على عدم جواز التلاعب في جينات الزوجين فيما اذا تلوعب بها، وان هذه التصرفات في الهندسة الوراثية يكون اثرها الوضعي منعكسا على غير المتلاعبين

السريّة في معلومات الهندسة الوراثية

 بعد ان يفحص الدكتور هذه الجينات ويعلم باسرار هذه الجينات واسرار هذه العائلة

 فهل للدكتور افشاء هذه الاسرار؟

 الاصل ان هذه الاسرار لايجوز ان يفضيها الطبيب الى الناس

 ولكن المشكلة في الهندسة الوراثية ان الدكتور بنفسه يطلع على هذه الاسرار بمجرد فحص الجينات فانّ معرفته بهذه الاسرار ناشئ من فحصه للجينات لا ان يطلعه المريض على هذ الاسرار

 طبعا في هذه الصورة ايضا اي لو اطلع على الاسرار بنفسه وبمجرد الفحص فلايجوز له كشف السر للاخرين

بأدلة ثلاثة

الاول: قاعدة مقتضاها تكريم بني آدم ولقد كرّمنا بني ادم ومن كرامة الانسان حفظ كرامته واسراره، فلايجوز للطبيب ان يهين كرامة الانسان بكشف اسراره

 وهذه قاعدة عامة تشمل كل افشاء للسر سواء اطلع عليه الدكتور بنفسه أو اطلعناه عليها، فكل افشاء للسر هو اهانة للشخص وهو خلاف القاعدةالتي كرّمت بني آدم ولقد كرّمنا بني ادم

الثاني: ان هذه الاسرار قد تكون عيب من عيوب الانسان وكشف العيب للآخرين هو الغيبة فان بعض العلماء قالوا ان كشف العيب المستور هو غيبة

الثالث: ان كشف العيوب والاسرار يدخل تحت عنوان ذكر الاخ بما يكره، وان ذكرك لاخيك بما يكره امر محرم شرعا ولايرتضيه الشارع المقدس

 فمعلومات الهندسة الوراثية اذا كانت سراً أو عيبا أو يكره الشخص ان تذكر فافشائها محرم

نعم يوجد استثناء وهو

 اذا حصل تزاحم بين افشاء السر وبين انتشار المرض في المجتمع فحفظ المجتمع من الامراض واجب وكشف السر محرم ولكن هنا نرى ان الواجب مصلحته اهم من كشف سر المريض فهنا يتحقق التزاحم وبما ان المصلحة أهم من المفسدة فهنا يجب الكشف والابلاغ بذالك

 نعم قد يكون الافشاء جائزا كما اذا كانت حرمة افشاء السر قد زاحمت واجب اخر متساوي في الأهمية

 وهل يجوز للدكتور مصارحة المريض بمرضة؟

 ان كانت المصارحة تجلب للمريض مصلحة بان يعالج نفسه ويتحفظ مما لابد له منه فيجوز مصارحته بالمرض وافشاء السر له

 واما اذا لم تكن هناك فائد من مصارحته بالمرض فلايجوز افشاء السر له ولاتجوز مصارحته

الاذن في التصرفات العلاجية