الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقة

32/03/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مشاكل السوق الاسلامية.

بعد ان انتهى الكلام عن الشرط الجزائي وقلنا انه لايصح في الديون ويصح في غير الديون.

الآن نتعرض الى موضوع آخر هو عبارة عن مشاكل السوق الاسلامية وطرق حلها.

فهناك مشاكل في السوق الاسلامية، او قل مشاكل تعتري البنوك الاسلامية هذه المشاكل كيف يمكن حلها بحيث تسير السوق الاسلامية سيرا غير متلكئ لا يؤدي الى خسارة واضطراب، فجملة مشاكل تعتري وتتعرض للسوق الاسلامية التي تلتزم بالشرع الاسلامي بخلاف السوق الربوية التي لاتلتزم باحكام الشرع فالسوق الربوية لها نظام قد تستطيع ان تهرب من التلكئ اما السوق الاسلامية فهناك مشاكل متعددة تعرضها ، فها هو طريق حل هذه المشاكل فهناك سوق اسلامية كما قلنا تبتعد عن الربا وهناك مصارف اسلامية تبتعد عن الربا فتختلف المصارف الاسلامية والسوق الاسلامية عن المصارف الربوية والسوق الربوية، المصارف والسوق غير الاسلامية تنهج نهج التمويل بالفائدة وهذا النهج ممنوع في السوق الاسلامية، فالسوق الاسلامية لا تجوّز التمويل بفائدة وهذا من ضروريات الاسلام، فالسوق الاسلامية تتحرز من التمويل بالفائدة اما السوق غير الاسلامية او قل السوق المادية لاتتحرز من التمويل بالفائدة.

اذاً السوق الاسلامية جائت بصيغ بديلة للتمويل بالفائدة المحرمة فنهجت السوق الاسلامية نهجا يختلف عن نهج السوق غير الاسلامية فجائت بصيغ بديلة للتمويل بالفائدة وكانت هذه الصيغ الجديدة هي احسن واردا من التمويل بالفائدة، الصيغ الاسلامية التي هي بديلة عن التمويل بالفائدة مردودها وفائدتها للفرد والمجتمع افضل من التمويل بالفائدة فان التمويل بالفائدة اذا كان فيه فائدة للفرد فان المجتمع سيتضرر منه لانه يوجب ان تكون طبقة متمولة وطبقة منسحقة، بينما اذا كان المال هو الذي يولد العمل والانتاج فهنا ينتفع صاحب المال ومن ليس له مال.

المهم مزايا الصيغ الاسلامية مع انها واضحة على المستوى النظري انها مفيدة للفرد والمجتمع، الاّ انها من ناحية العمل باهتة اي من الناحية النظرية قد نوجد قانون غير ربوي نقدمه للمصارف ولكن من الناحية العملية ترى ان هذه الصيغ الاسلامية باهتة من الناحية العملية وذلك لوجود مشاكل ومصاعب، هذه المشاكل ما لم تحل تكون النظرية الاسلامية واضحة من ناحية كونها قانون وباهتة من ناحية العمل لوجود هذه المشاكل التي لابد من حلها.

مثلا السوق الاسلامية بما فيها من مصارف وتجار اذا كانت بعيدة عن التجارة بالديون فانها اتجهت الجهة الصحيحة، اما اذا كانت السوق الاسلامية بمصارفها وتجارها تسعى للاتجار بالديون فهذه الوجهة غير اسلامية اي المال يولّد مالاً، فالسوق الاسلامية نراها من بعيد فان لم تتجه للاتجار بالديون فالوجهة صحيحة وان اتجهت للاتجار بالديون فالوجهة غير صحيحة.

فلو لم يكن للشخص مالا ويريد ان يشتري سيارة فيذهب الى التاجر في السوق ويقول له اريد ان اشتري سيارة وليس لدي مال فانت اشتري السيارة وبعها لى مؤجلة وباقساط بزيادة في ثمنها، فالتاجر تارة يشتريها بعنوان انه المالك ومضمونة عليه ثم يبيعها نسيئة على الطرف فهنا يكون شراء السلعة هو المقصود له وبيعها هو المقصود فالربح صار في مقابل السلعة وهذه صورة صحيحة، وتارة يقول التاجر للطرف خذ هذا المال واشتري السيارة وادفع لى الاقساط بزيادة فهنا المشكلة لان شراء السيارة في هذه الصورة غير مقصود للتاجر.

فالقانون الاسلامي يقول بان بيع المرابحة صحيح ولكن كيف تكون طريقة البيع وكيف تتم المرابحة، ثم ان المضاربة الحقيقية هي صيغة من صيغ الابتعاد عن التمويل بالفائدة بان تتحقق المضاربة باموال معلومة ومعينة للآخرين فلكل شخص كذا نسبة وادخلها في الانتاج والتجارة والعمل فالربح ان حصل يكون بالنسبة حسب حصة كل واحد منهم وهذا هو القانون الاسلامي، اما اذا قلنا مضاربة وناخذ الاموال ولكنها لاتدخل في التجارة والبيع والشراء وانما نعطي ربحا لصاحب المال من دون ان يكون هناك ربح حقيقي اي اتجر الانسان بدَينه الذي اعطاه، ثم اذا تلفت الاموال فيطالبني بها ولا يسالني عن سبب الخسارة ومعنى ذلك أنه اقرضني ويريد ربحا على ماله وهذا هو المتاجرة في الديون، فالسوق الاسلامية والتاجر الاسلامي والبنك الاسلامي اذا اتجه الى المضاربة الحقيقية بالسيولة والاموال المتجمعة من الافراد وطبّقت احكام المضاربة بصورة صحيحة او اتجه الى معاملات المشاركات، مثلا اقول لك اقرضني فاقول لك اشاركك في العمل وهذه صيغة صحيحة للسوق الاسلامية وهي مشاركة البنك والتجار وعليه فلو احترق المتجر فالخسارة عليّ بالنسبة واذا ربح المتجر فالربح بالنسبة، فالصيغ الاسلامية البعيدة عن الربا من الناحية النظرية هي جدا بعيدة عن الربا فالمرابحة والمشاركة والمضاربة كلها بعيدة عن الربا، ولكن الواقع العملي هو باهت لانه يريد ربحا مع ضمان راس المال وهذا يعني انه لا مشاركة حقيقية ولامضاربة حقيقية وانما قرض بفائدة وهذه هي المشكلة.

هل ما يحدث الآن في السوق الاسلامية والبنوك المصرفية يؤدي مهمة المشاركات او المضاربات او المرابحات، الغالب مما يحدث في السوق الاسلامية هو اما مشاركات في العمل او مضاربة او مرابحة بالاضافة للبيوع العادية والتجارات فهل مايحدث في السوق والبنوك الاسلامية يؤدي مهمة المضاربة والمرابحة وغيرها ام لا، نقول لابد من ايجاد حل للسوق والبنوك الاسلامية كي تبتعد عن المعاملات الربوية وتتجة الى صيغ المرابحات والمضاربات كبديل للتمويل الربوي.

المشكلة الاساسية التي يواجهها الكثير من التجار والبنوك هي عندما تباع السلعة نسيئة او عندما يحصل بيع مرابحة فهذه الديون اذا تاخر المدين من تسديدها في وقتها تحصل مشكلة في السوق، لذلك المدينون اذا تاخروا فتضطرب الاوضاع الاقتصادية، بينما في السوق الربوية التاخير في تسديد الديون فيه فائدة للبنوك فتضرب غرامات على المماطل فلا مشكلة في السوق الربوية عند تاخير المدينون عن تاخير الديون، اما في السوق الاسلامية فان اخذ الفائدة على الديون ممنوع فالتاجر غير الاسلامي مرتاح لانه بالتاخير في سداد الديون تزداد فوائده ويحصل الدائن على الربح الكبير نتيجة تاخر المدين في السداد، الاّ مشكلة واحدة وهي ما يجره الربا من الضرر على المجتمعات فاذا باع نسيئة فهو يحسب فوائد على تاخير السداد، اما التاجر والبنك الاسلامي الذي لاياخذ الفوائد على تاخير سداد الديون فعندما يبيع مؤجلا فيريد التاجر ان يربح لكن عندما يتاخر المدين عن سداد الديون فان اوضاعه الاقتصادية تتدهور، فالصيغة الحلال يظهر بها الربح غير منفصل عن ثمن المبيع المؤجل فالزمان والاجل الذي تاخر النقد فيه فهذا الزمان وهذا الاجل زاد في الثمن فالربح منظور لدى المعاملات الاسلامية عند البيع الآجل لكن هذا الأجل الذي له قسط من الثمن مندك في الثمن فالربح مندك في ثمن المبيع فكلما يزداد الاجل بزداد الربح فالربح بسبب الاجل موجود يرتفع الثمن اذا ازداد الاجل للثمن الذي يدفع لكنه مندك في الثمن، فهذا ليس ربا لانه عبارة عن بيع السلعة بالثمن وهذا لا يخضع للربا فان ربا البيع هو بيع المتماثلين وهذا ليس من بيع المتماثلين متفاضلين، وليس قرضا جر نفعا بل هو بيع سلعة بثمن مؤجل، فالربح الذي في مقابل الاجل مندك في الثمن.

اذاً البيع الآجل وان كان للزمان اثر في زيادة الربح الا انه جائز لان الثمن الزائد يكون مقابل العين، فالزمان له حصة من الثمن، وقيمة الزمان في القرض تظهر في الثواب والاسترباح في القرض غير جائز، ولكنها (قيمة الزمان) تظهر في البيع على انها ثمن المبيع مندكة في الثمن، ففي البيع الآجل الزمان له قيمة لكن قيمة الزمان مندكة في الثمن، اما اذا ماطل في اعطاء الثمن لم يتحقق ربح حتى لو سدد لأن السرعة في هذا العصر هي سمة هذا العصر مما يجعل سداد الديون في موعدها له قيمة كبيرة باعتبار ان المماطلة في السداد يوجب الاختلال في المجتمع لأن بقية المعاملات مرتبطة بهذه المعاملة وسدادها