46/06/28
الموضوع:- الأمر الثالث ( لوازم الامارة ) - مبحث الاصول العملية.
ويوجد كلامان يدعمان ما ذكره الشيخ الخراساني(قده) أولهما للسيد البجنوردي في منتهى الاصول والثاني للسيد محسن الحكيم في حقائق الأصول:-
أما السيد البجنوردي(قده): - فحاصل ما ذكر هو التمسك بالوصايا والأقارير، حيث قال: - لو أوصى الشخص بوصيةٍ أو أقرَّ بشيءٍ خاص فإنَّ لوازم الموصى به ولوازم المقَر به يثبت حتى وإن كان المتكلم يعيش الغفلة عنها، وهذا إن دلَّ على شيءٍ فإنما يدل على أنَّ عنوان الخبر لا يتوقف صدقه على القصد - أي قصد الإخبار - بل هو يصدق حتى لو لم يقصد الإخبار عن اللوازم.
ويردّه: -
أولاً: - إنَّ ثبوت اللوازم في باب الوصية والاقرار هي مجرد دعوى لا مثبت لها وهي أول الكلام.
ثانياً: - إنَّ ما ذكره أجنبي عن المقام، فنحن كلامنا عن عنوان الخبر ولوازم الخبر وأنَّ لوازم الخبر هل تثبت بالإخبار عن الخبر أو لا أما هو فقد أتى بشاهدٍ من غير باب الخبر، ولعل ما ذكره هو يثبت لأجل خصوصيةٍ لهذين البابين ولا يمكن تسرية ذلك إلى باب الخبر، وعليه فما ذكره لا يصلح أن يكون داعماً لما افاده الشيخ الخراساني(قده).
وأما السيد الحكيم(قده): - فقد ذكر إنَّ دلالة الخبر على معناه المطابقي بالمطابقة هي كدلالته على معناه الالتزامي بالالتزام في أنه دلالة فعلية غير متوقفة على اعتقاد المخبِر اللزوم، وحينئذٍ تدخل كلتا الدلالتين المطابقية والالتزامية تحته، فإنَّ صدق الخبر لا يتوقف على الاعتقاد باللزوم الملازمة، بل مادام المدلول الالتزامي ملازم للمدلول المطابقي فكلاهما يدخلان تحت إطلاق دليل حجية الخبر.
وفي التعليق نقول: - إنَّ الدلالة شيءٍ والإخبار شيء آخر وليس أحدهما عين الثاني، فإنَّ الدلالة عبارة عن الظهور، فنقول هذا الكلام يدل على كذا يعني أنه ظاهر في كذا، فالدلالة هي بمعنى الظهور، ومن الواضح أنَّ الظهور يغاير عنوان الإخبار والحكاية، فالدلالة ليست هي نفس الإخبار والحكاية، وقياس أحدهما على الآخر قياسٌ في غير محلّه.
وأما المقدمة الثانية: - فقد ناقشها السيد الحكيم(قده) في حقائق الأصول بأنَّ دليل حجية الامارة قد لا يكون له إطلاق يشمل الدلالة الالتزامية، كما هو الحال في اليد فإنها أمارة على الملكية شرعاً ولكن ليس لها دلالة على جميع اللوازم، وعليه فلا يثبت بها اللوازم.
ويردّه: - إنَّ دليل حجية الأمارة إذا كان دالاً على حجيتها من ناحية قوّة كشفها فينبغي أن تكون حجةً في مدلولها المطابقي وفي مدلولها الالتزامي معاً، فإنَّ قوة كشف الامارة عن مدلولها الالتزامي ومدلولها المطابقي هي بدرجةٍ واحدة ولا فرق بينهما، وعليه فلا مجال لما أفاده السيد الحكيم(قده) من المناقشة في المقدمة الثانية.