الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الأمر الثالث ( لوازم الامارة ) - مبحث الاصول العملية.

 

الأمر الثالث:- لوازم الامارة.

وقع الكلام في لوازم الامارة فهل هي حجة وتثبت بالامارة أو لا، كما وقع الكلام في لوازم الأصل وأنه هل تثبت بجريان الأصل أو لا؟

أما لوازم الأصل:- فيأتي الحديث عنها إن شاء الله تعالى عند البحث في الأصل المثبت.

وأما لوازم الامارة:- فالمعروف ثبوتها، يعني أنَّ المعروف بين الاصوليين هو التفرقة بين لوازم الأصل فإنها ليست بحجة - أي لا تثبت بالاصل - وبين لوازم الامارة فإنها حجة - أي تثبت بالامارة - ويمكن أن تذكر عدّة وجوهٍ لتوجيه حجية الامارة في لوازمها:-

الوجه الاول:- ما ذكره الشيخ الخراساني(قده)[1] في التنبيه السابع من تنبيهات اللاستصحاب، وحاصله مركب من مقدمتتين:-

المقدمة الأولى:- إنَّ الامارة الحاكية عن مؤداها هي حاكية أيضاً عن لوازم مؤداها.

المقدمة الثانية:- إنَّ مقتضى اطلاق دليل حجية الامارة - مثل الخبر - هو حجيته في جميع حكاياته، أي في كلتا الحكايتين حكايته عن المدلول المطابقي وحكايته عن المدلول الالتزامي.

ويمكن أن نعبر بشكلٍ أوضح ونقول :- إنَّ من يخبر عن شيءٍ فهو يخبر عن لوازمه، فيحصل عندنا خبران خبرٌ عن المدلول المطابقي وخبرٌ عن المدلول الالتزامي، ومقتضى اطلاق دليل حجية الخبر أنَّ يكون الخبر حجة في مدلوليه المطابقي والالتزامي معاً.

وفي التعليق عليه نقول:-

أما المقدمة الأولى:- فيرد عليها:-

أولاً:- إنها لو تمت فهي تتم فيما إذا كانت الامارة خبراً، إذ لو كانت الامارة خبراً فقد يقال إنَّ هذا المخبر قد أخبر عن المدلولين المطابقي والالتزامي معاً، ولكن هذا لا يتم فيما إذا كانت الامارة ليست خبراً كما لو كانت ظهوراً، فإنَّ الظهور في المدلول المطابقي لا يولّد ظهوراً في المدلول الالتزامي، وعليه فهذه المقدمة تكون محتصة بكون الأمارة من قبيل الخبر ولا تعم ما لو كانت من قبيل الظهور.

ثانياً:- يمكن أن يقال إنَّ عنوان الخبر أو بتعبيرٍ آخر عنوان الحكاية هو من العناوين القصدية والمخبر عادةً هو يقصد الإخبار عن المدلول المطابقي وأما المدلول الالتزامي فليس قاصداً الإخبار عنه، فمثلاً لو أخبر شخصٌ عن طلوع الشمس ونحن نعرف أنه عند طلوع الشمس سوف ينتهي وقت صلاة الصبح فهنا هل هو أخبر عن خبرين احدهما عن طلوع الشمس والثاني عن انتهاء وقت صلاة الصبح؟!!، أو فرض أنه عند طلوع الشمس عندنا سوف يدخل الليل في الجهة الثانية من الكرة الأرضية فهذا الذي أخبر عن طلوع الشمس هل يخبر أيضاً عن دخول الليل في الجهة الثانية من الكرة الارضية؟!! إنه لم يخبر عنهما معاً وإنما أخبر بخبر واحد.

وعليه فمادام الإخبار هو من الامور القصدية فلا يكون المدلول الالتزامي مقصوداً، فلا يكون مُخبراً عنه حتى يكون حجة بمقتضى القاعدة.


[1] كفاية الأصول - ط آل البيت، الآخوند الخراساني، ج، ص416.