الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الأمر الثاني ( الفرق بين الامارة والاصل ) - مبحث الاصول العملية.

الفرق الثاني: - إنَّ ما أخذ فيه لسان دليله الشك وعدم العلم فهو أصل عملي، وما لم يؤخذ في لسان دليله الشك فهو أمارة.

ويرده: -

أولاً: - يمكن أن يقال إنَّ أخذ الشك في لسان الدليل وعدم أخذه لا يمكن أن يجعل ميزاناً في مقام التفرقة بينهما بعدما كانا معاً واقعاً ولبّاً قد أخذ في موضوعهما الشك فيهما، فمادام قد أخذ في موضوعهما الواقعي الشك فحينئذٍ لا معنى للتفرقة بينهما حسب لسان الدليل؛ إذ المفروض أنهما مقيدان بالشك معاً، فالأصل مقيد بالشك مثل ( كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه نجس ) و( كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام )، وكذلك الحال في الامارة، فصحيح أنه لم يؤخذ في لسان دليلها الشك في موضوعها ولكنه مأخوذ فيها واقعاً ولبّاً، وبعد أخذ الشك في موضوع كليما واقعاً فلا معنى لملاحظة لسان الدليل فإن أخذ الشك في الموضوع فهو أصل عملي وإن لم يؤخذ فهو أمارة بعدما كان الشك مأخوذاً لبّاً وواقعاً في موضوعيها، فحتى الامارة هي مجعولة في حق الشاك وأما العالم فلا معنى لأخذها في حقة.

ثانياً: - إنه بناءً على هذا يلزم أن يكون خبر الثقة أمارة إذا فرض أنَّ مستنده كان هو آية النبأ، ففي هذه الآية الكريمة لم يؤخذ الشك، بينما في آية الذكر - ﴿ فاسألوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ﴾ - أخذ قيد ﴿ إن كنتم لا تعلمون ﴾ فيلزم أن يكون السؤال من أهل الذكر الذي هو أمارة أن يكون أصلاً عملياً والحال أنه أمارة، وهذا لا يمكن الالتزام به.

ثالثاً: - إنَّ التفرقة المذكورة هي تفرقة قشرية - إن صح التعبير - فهي تفرقة على مستوى الألفاظ، بينما نحن نشعر بالوجدان أن الفارق بينهما أعمق من هذا المقدار، بل الفارق بينهما ثابت بقطع النظر عما تقدم، وعليه فلابد وأن نتأمل أكثر لنصل إلى ذلك الفارق الوجداني بقطع النظر عن مسألة الشك وغيرها.