الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الأمر الثاني ( الفرق بين الامارة والاصل ) - مبحث الاصول العملية.

 

وفي التعليق على ما ذكره السيد الشهيد(قده) نقول:-

أولاً:- إنَّ الفارق بين الامارة والأصل ليس ما ذكره السيد الشهيد بل الفارق بينهما هو أنَّ الملحوظ في جانب الأمارة هو الكشف، فنحن حينما نأخذ بخبر الثقة نحن نأخذ به من باب أنَّ له كاشفية بدرجة ما كستتين أو سبعين بالمائة، وأما الاصل حيما نأخذ فنحن لا نأخذ به من باب أن له كاشفية بل كاشفية له لأنه حكمٌ والحكم ليس له كاشفية.

لعل هذا الذي ذكرناه من الفارق يمكن استفادته من بعض عبارات الشيخ الاعظم(قده) فإنه قال:- ( ثم المراد بالدليل الاجتهادي كل أمارة اعتبرها الشارع من حيث أنها تحكي عن الواقع وتكشف عنه بالقوة ويسمى في نفس الاحام ادلة اجتهادية وفي الموضوعات امارة معتبرة )[1] .

ثانياً:- إنه قال لا يصح تفسير الأمارة والأصل كيفما اتفق بل لابد وأن تفسيرهما وفق الضوابط، ونحن نقول:- إنَّ ما ذكرته شيء مقبول ولكن الشيخ النائيني(قده) لم يفسَّر الأمارة والأصل كيفما اتقف وإنما فسّر الأمارة مع ما يلتئم مع كونها حجة في لوازمها غير الشرعية ولكن بنظره هو، نعم قد لا يكون هذا التفسير تاماً بنظر السيد الشهيد(قده) ولكن بنظر الشيخ النائيني(قده) هو تام، فهو قال لما كان المجعول في الامارة هو العلمية فيلزم أن تكون الامارة حجة في لوازمها لأنَّ العلم بالشيء علمٌ بلوازمه، ولكن افترض اننا لم نقبل بذلك لأنَّ هذا تام في العلم التكويني دون الاعتباري فإن الامارة لا تفيد علماً تكوينياً ولكن نحن إذا لم نقبله فهذا لا يعني أنه فسَّر الامارة كيفما اتفق بل هو فسّرها بما تكون معه حجة في لوازمها كما فسّر الاصل بعدم كونه حجة في لوازمه، وهذا التفسير في نظره تام غاية الامر أننا نطبق قاعدة العلم بالشيء علم بلوازمه في العلم التكويني دون العلم الاعتباري.

ثالثاً:- يمكن أن يقال إنَّ تفسير الشيخ النائيني(قده) وافٍ بكون لوازم الأمارة حجة ولوازم الأصل ليست حجة، والوجه في ذلك أنَّ الشارع إذا اعتبر الامارة علماً بلحاط مؤداها من باب أنها لها كاشفية بمقدار ستبين سبعين بالمائة مثلاً فيلزم أن يعتبرها علماً وحجة في لوازمها أيضاً، لأنها لها كاشفية بنحو اللوازم بدرجة ستين أو سبعين بالمائة أيضاً فإنَّ الشيء إذا كان كاشفاً عن مدلوله المطايقي بدرجة ما فهو يكشف عن لوازمه في بنفس الدرجة، فإذا جعل الشيء حجة بلحاظ مدلووله المطابقي يلزم أن يكون حجة في لوازمه أيضاً، وعليه فما افاده الشيخ النائيني(قده) يكون مقبولاً وتفرقته بين الأمارة والأصل يمكن أن يجاب بأنها تفي بالمطلوب، وهذا بخلاف الأصل فحيث لا توجد له كاشفية فلا يكون حجَّة.

وعليه فما أفاده الشيخ النائيني(قده) يمكن أن يكون وافياً وما أورده السيد الشهيد(قده) عليه قابل للمناقشة.


[1] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج3، ص318.