46/06/15
الموضوع:- الأقوال في حجية ما ورد في الكتب الأربعة - مبحث حجية خبر الواحد.
وتوجد دعوى ثالثة:- وحاصلها إنَّ الطرق المذكورة في آخر التهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه لست طرقاً إلى نسخةٍ معينة وكتابٍ معين وإنما هي إجازة عامة في النقل من دون النظر إلى كتابٍ خاص أو كتبٍ خاصة، نظير ما كان في زمن الاغا بزرك الطهراني فإنه كان يعطي البعض إجازة منه في الرواية وهذه الاجازة تبركية، فالطرق المذكورة ليست طرقاً إلى نسخةٍ معينة من كتاب التهذيب بل المنظور ليس هو نسخة معينة أو كتاب معين وإنما تقول ما اجازني به مشايخي وأساتذتي أنا بدوري أيضاً اجيزك من خلال اجازت مشايخي لي ولكن متعلق الاجازة ليس كتاباً معيناً وليس نسخةً معينةً وهذا ما يمكن أن نصطلح عليه بالإجازة التبركية، يعني أنا أريد أن اتبرك بسلسة العماء هذه إلى أن تصل إلى الأئمة عليهم السلام، ولكن هذه الاجازة لم تنظر إلى كتابٍ بعينة وإلى نسخةٍ بعينها وإنما هي تبركية، وعليه فسوف لا ننتفع من خلالها في اثبات صحة هذه النسخة المعينة أو هذه الروايات وإنما يستفاد منها التبرك فقط.
وفي ردّ هذه الدعوى نقول: -
أولاً: - لو كان الهدف هو التبرك لا غير فحينئذٍ لا حاجة إلى أن يسجل الشيخ الطوسي المشيخة في آخر كتابيه، وعليه فذكرها يدل على أنَّ لها فائدة وليس المقصود منها التبرك، كما أنَّ الشيخ الطوسي أيضاً ألّف كتاباً باسم ( الفهرست ) وذكر فيه طرقاً أكثر ما هو موجود في مشيختي التهذيب والاستبصار، فهو كتاب فهرست للأصول وقد ذكر فيه طرقه إلى تلك الأصول بشكلٍ أكثر مما في مشيختي التهذيب والاستبصار، فلو كان الهدف من ذلك هو التبرك فلا داعي حينئذٍ إلى تأليف مثل هكذا كتاب لأنه سوف لا يُنتفَع به مادام الهدف منه هو التبرك.
ثانياً: - إنَّ الشيخ الطوسي قال في المشيخة المذكورة في آخر التهذيب: - ( إني أذكر هذه الطرق لتخرج الروايات التي أذكرها في التهذيبين من الارسال إلى الاسناد )[1] ، وهذا يدل على أنَّ القضية ليست تبركية وإنما لتخرج الروايات المذكورة من الارسال إلى الاسناد.
ثالثاً: - وذكر في الفهرست في ترجمة العلاء بن رزين: - ( إنَّ لكتابه أربع نسخ وكل نسخة أرويها بطريق خاص )[2] ، وهذا واضح في بطلان هذه الدعوى.
رابعاً: - ذ كر الشيخ الطوسي في ترجمة علي بن مهزيار طرقه إلى كتبه ثم قال: - ( هذه طريقي إلا كتاب المثالب فإنَّ العباس روى نصفه عن علي بن مهزيار )[3] ، وهذا يدل بوضوح على أنَّ هذه الطرق ليست تبركية.
خامساً: - وذكر أيضاً في ترجمة الصفار إنه:- ( روى الصدوق كتبه إلا كتاب بصائر الدرجات )[4] ، وهذا الاستثناء يدل على أنَّ القضية ليست تبركية.
سادساً: - وذكر في ترجمة الشلمغاني ما نصه:- ( اخبرنا جماعة بكتاب التكليف إلا حديثاً واحداً في باب الشهادة )[5] .
سابعاً: - وقال في ترجمته للمفيد بعد استعراض كتب المفيد: - ( سمعنا منه هذه الكتاب كلها بعضها قراءةً عليه نقرأ عليه غير مرَّة وهو يسمع )[6] ، فلو كان الهدف هو مجرد التبرك فلا داعي إلى اجلاس هذا الشيخ الجليل وتقرأ عليه وهو يسمع.
ثامناً: - قال النجاشي في ترجمة محمد بن يعقوب: - ( كنت أتردَّد بالمسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي وهو مسجد نفطويه النحوي اقرأ القرآن على صاحب المسجد وجماعة من أصحابنا يقرأون كتاب الكافي على ابي الحسن أحمد بن محمد الكوفي الكاتب حدثكم محمد بن يعقوب الكليني ... )[7] .
وهذا كله إن دل على شيء فإنما يدل على أنَّ الشيخ الطوسي في تذهيبيه لم تكن اجازته تبركية.