الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- ما دل على عدم حجية خبر الاحد من السنة الشريفة - مبحث حجية خبر الواحد.

وأما السؤال الثالث - وهو أنه هل ينجبر الخبر ضعيف السند بعمل المشهور - ففي مقام الجواب عن ذلك نقول:- إنَّ الشهرة التي تجبر ضعف السند على نحوين، شهرة روائية، وشهرة عملية، والفرق بينهما واضح، فإنَّ الشهرة الروائية يعني أنَّ نقل هذه الرواية في الكتب الروائية مشهور حيث نقلها الكثيرون، وأما الشهرة العملية فالمقصود منها عمل الاصحاب وفتواهم على طبقها، وكلامنا الآن في الشهرة الروائية، فهل شهرة النقل للرواية تجبر ضعف سندها أو لا تجبره؟

وفي مقام الجواب نقول:- إذا كانت هذه الشهرة الرواية حاصلة بين المتقدمين فيمكن أن يقال بانجبار ضعف السند بها، فإنه إذا نقلها جماعة من المتقدمين فيمكن أن يقال بأنَّ هذا يوجب الانجبار لأنه سوف يحصل اطمئنان للفقية بانجبارها وبالتالي بحقانيتها وصدورها - إن صح التعبير -، فإذا انجبرت بعمل المشهور فسوف ينجبر ضعف سندها حينئذٍ، ولكن الذي نريد أن نقوله هو أنَّ الكبرى لا مشكلة فيها فإنَّ المشهور إذا عمل بالرواية انجبر ضعف سندها ولكن الكلام في الصغرى وهي أنه هل عمل المشهور حقاً بهذه الرواية، ثم إنَّ المشهور قسمان مشهور القدماء ومشهور زماننا، ومشهور زماننا لا ينفع لأنهم متـأخرون، وأما المتقدمون فهم مثل المحمدون الثلاثة، فإنَّ المحمدين الثلاثة لا بأس بهم ولكنهم وحدهم لا يكفون بل لابد من أن يكون العدد أكثر من ذلك حتى تتحقق شهرة النقل، وتتحقق شهرة النقل بنقل الرواية بما قبل المحمدين الثلاثين، فالاصحاب الذين قبل المحمدون الثلاثة إذا كانوا يتناقلون الرواية فسوف تصير هذه شهرة روائية فينجبر بذلك ضعفها، ولكن كيف نثبت أنَّ المتقدمين على المحمدين الثلاثة قد تناقلوا هذه الرواية فإنَّ اثبات هذا صعبٌ جداً، وعليه فالصغرى دون اثباتها خرط القتاد.

وأما شهرة العمل بالرواية ضعيفة السند وأنه هل يجبر سندها أو لا فالجواب هو الجواب، فإذا فرض أنَّ الذي عمل بها هم المتقدمون فهذا يجبر ضعفها، والمتقدمون هم المحمدون الثلاثة فما فوق أما المحمدون الثلاثة وحدهم فلا يكفي ذلك فإنه لا تتحقق شهرة العمل حينئذٍ، ولكن المتقدمين إذا عملوا بها فإنَّ هذا يورث الاطئمان بأنَّ هذه الرواية معتبرة وإلا كيف عملوا بها.

والنتيجة:- إنَّ الشهرة الروائية والشهرة العملية عند المتقدمين تجبر ضعف سند الرواية، ولكن المقصود من المتقدمين هم المحمدون الثلاثة فما فوق فإنَّ هؤلاء عملهم وروايتم يورث الانجبار دون المتأخرين، وهذا مطلب ينبغي أن يكون واضحاً.

وقد يقال:- يمكن أن نبيّن طريقاً لاثبات عمل المتقدمين بالرواية، ببيان: انه إذا لم يكن للحكم مستند من آية أو رواية أو أصل فيتعين استنادهم إلى الرواية الضعيفة ويحصل بذلك الوثوق بصدورها، وأما احتمال أنهم يفتون من دون مدرك فليس بواردٍ فإن تقواهم تمنعهم من الفتوى من غير مدرك.

قلنا:- إنَّ هذا وجيه إذا ثبت أنَّ المتقدمين عملوا بهذه الرواية وأفتوا على طبقها - وحكموا في رسالتهم العملية مثلاً على طبقها - ولكن كيف نثبت أنهم عملوا بها فإنه لا طريق إلى اثبات ذلك، نعم بالنسبة إلى المحمدين الثلاثة يمكن اثبات عملهم لأنَّ الباب الذي يذكرونه عادةً يدل على أنَّ هذا هو مختارهم، أما بالسنبة إلى المتقدمين عليهم كيف نثبت عملهم على طبق هذه الرواية والحال أنه لا يوجد طريق لذلك، والمهم كما نعرف هو فتوى المتقدمين على طبق هذه الرواية لا فتوى من تأخر عن المحمدين الثلاثة، وهذا مطلب ينبغي أن يكون واضحاً.