الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- ما دل على عدم حجية خبر الاحد من السنة الشريفة - مبحث حجية خبر الواحد.

ما دل على عدم حجية الخبر الواحد من السنَّة الشريفة: -

ويمكن أن يستدل له بطائفتين من الاخبار: -

الطائفة الأولى: - ما دل على النهي عن الأخذ بالروايات التي لا يعلم أنها صادرة منهم، وخبر الواحد عادة نحن لا نعلم بكونه صادراً منهم إلا إذا كان متوتراً أو معه القرينة القطعية وإلا فالأخبار المتعارفة - أي اخبار الآحاد - لا نعلم بأنها صادرة منهم فلا تكون حجة، من قبيل ما وراه محمد بن ادريس في آخر السرائر نقلاً من كتاب مسائل الرجال لعلي بن محمد عليه السلام: - ( إنَّ محمد بن علي بن عيسى كتب إليه يسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك عليهم السلام قد اختلف علينا فيه فكيف العمل به أ الرد إليك فيما اختلف فيه؟ فكتب عليه السلام: - ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردّوه إلينا )[1] .

والشاهد فيها هو أنَّ الامام عليه السلام قال لا تأخذ بالأحاديث إلا إذا علمت أنها صادرة منّا، أي أنَّ خبر الواحد إذا علمت بصحة نسبته إلينا فخذ به، وبناء على هذا سوف تصير اخبار الآحاد المتعارفة ليست بحجة بمقتضى هذه الرواية لأنه لا يوجد معها قرائن يمكن أن نقطع من خلالها بالنسبة إلى المعصوم عليه السلام.

الطائفة الثانية: - ما دل على أنَّ الخبر الذي يجوز الأخذ به هو ما كان معه شاهد أو شاهدان من كتاب الله، وعليه فسوف تصير النتيجة هي أَّ كل خبر واحد لم يكن معه شاهد أ شاهدان من الكتاب الكريم فليس بحجة، من قبيل ما رواه محمد بن يحيى عن أحمد عن علي بن الحكم عن عبد الله بن بكير عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام: - ( إذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهداً أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به وإلا فقفوا عنده ثم ردوه إلينا حتى يستبين لكم )[2] .

وهي دلت أيضاً على أنَّ الخبر لا يجوز الأخذ به إلا إذا كان معه شاهد أو شاهدان من الكتاب الكريم ونحن كلامنا في الخبر الذي ليس معه شاهد فلا يكون حجة، وإلا لو كان معه شاهد من كتاب الله عز وجل كفانا كتاب الله عز وجل.

وفي الجواب عن هاتين الطائفتين نقول: -

أولاً: - إنَّ هذه الروايات هي بنفسها أخبار آحاد فكيف يتمسك بها لنفي حجية الخبر خصوصاً وأنَّ بعضها مرسل؟!!، وعليه فالتمسك بها شيء مشكل؛ إذ كيف يراد أن يستدل بها على عدم حجية اخبار الاحاد والحال أنها خبر آحاد فإنَّ هذا دورٌ واضح.

ثانيا:- إنَّ كلتا الطائفتين معارضة بأخبار كثيرة تدل على حجية خبر الثقة وهي قد تقدمت، فنحن أولاً ذكرنا الأدلة على حجية الخبر من الكتاب الكريم ومن السيرة ومن الأخبار وذكرنا هناك اخباراً كثيرة وقلنا إنها مستفيضة وليست اخبار آحاد، وقد ذكر صاحب الوسائل باباً باسم ( وجوب العمل باحاديث النبي والائمة عليهم السلام ) وذكر فيه ثمانية وثمانين حديثاً، ثم ذكر باباً ثانياً في ( وجوه الجمع بين الاحاديث ) وذكر فيه ثمانية وأربعين حديثاً، فيكون المجموع (136) حديثاً، فلو كان قسم من هذه الاحاديث ضعيف السند بقي الباقي وهو الكثير دالاً على الحجية، وعليه فالحجية متواترة بالنقل المتواتر.

وهنا سؤال: - وهو أنه ما هي النسبة بين طوائف الروايات التي دلت على حجية خبر الواحد وبين هاتين الطائفتين اللتين دلتا على عدم حجيته؟


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج27، ص119، أبواب صفات القاضي، باب9، ح36، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج27، ص119، أبواب صفت القاضي، باب9، ح18، ط آل البيت.