46/04/30
الموضوع:- الاستدلال بالاخبار على حجية خبر الواحد - مبحث حجية خبر الواحد.
الاستدلال بالأخبار على حجية خبر الواحد:
ومن الواضح أنه حينما نقول نستدل بالأخبار على حجية خبر الواحد لابد وأن تكون الاخبار التي نستدل بها على حجيته ليست اخبار آحاد بل لابد وأن تشكل لنا استفاضة بحيث يتولد من خلالها الاطئمانان أو اليقين فآنذاك يصح الاستدلال بها على حجية خبر الواحد، وإلا صار التمسك بها هو تمسكٌ بخبر الواحد لاثبات حجية خبر الواحد وهذا واضح البطلان، فحينما نقول نحن نتمسك بالاخبار لاثبات حجية خبر الواحد فهو يعني أننا نتمسك بها مع فرض بلوغها درجة الاستفاضة أو التواتر فإنَّ هذا شرطٌ واضحٌ قد لا يذكر لوضوحه.
وفي هذا المجال نقول:- إذا رجعنا إلى كتاب وسائل الشيعة مثلاً نجد أنه ذكر مجموعة من الأخبار ربما تشكل درجة الاستفاضة أو التواتر، فمثلاً هو عقد باباً باسم ( باب وجوب العمل بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام ) وذكر فيه عدَّة روايات لوجوب العمل بسنَّة النبي والأئمة الاطهار عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، فهو تمسك للزوم العمل بأحاديث النبي والأئمة عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام بمجموعة من الأخبار قدرها ثمانية وثمانين خبراً[1] ، وذكر أيضاً باباً آخر باسم ( باب وجوه الجمع بين الاحاديث المختلفة وذكر فيه ثمانية وأربعين حديثاً )[2] ، ثم ذكر أبواباً أخرى تحت عناوين أخرى ذكر فيها جملة من الروايات غير الروايات السابقة وهي تدل على حجية الخبر،.
فهذه المجموعة من الروايات لعلها تشكل عدد التواتر، وإذا لم تشكله فسوف نضمها إلى غيرها مما سيأتي فتشكله.
وقد ذكر الشيخ الاعظم(قده) أيضاً مجموعة من الاخبار يمكن تصنيفها إلى طوائف[3] :-
الطائفة الأولى:- ما دل على الارجاع إلى اشخاص معينين كزرارة ومحمد بن مسلم.
الطائف الثانية:- ما دل على الارجاع إلى مطلق الثقة.
الطائفة الثالثة:- ما دل على لزوم إعمال المرجّحات بين المتعارضين.
الطائفة الرابعة:- ما دل على الأمر والتشجيع على حفظ الاحاديث وضبطها وتسجيلها.
فإذا كان يوجد تغاير بين هذه المجموعات من الروايات فبضم هذا البعض إلى ذلك البعض قد يساعدنا في تحصيل التواتر.
ثم نقول شيئاً آخر:- وهو أنه إذا ألقينا نظرةً على وسائل الشيعة في الأبواب المختلفة فقد نحصل على رواياتِ اخرى تدل على حجية الخبر وهي:-
الطائفة الاولى:- ما دل على أنَّ مقام اصحاب الائمة عليهم السلام يتحدد بمقدار روايتهم عن الائمة عليهم السلام كما في حديث علي بن جنظلة :- ( سمعت أبا عبد الله علي السلام يقول:- اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنا )[4] .
الطائفة الثانية:- وقد روي هذا المضمون أيضاً في حديث حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه السلام[5] ، وهكذا رواية المرزوي[6] .
الطائفة الثالثة:- ما دل على جواز الزيادة والنقص في الحديث مادام يقصد النقل بالمعنى، من قبيل صحيحة بن مسلم:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- اسمع الحديث منك فأزيد وأنقص، قال:- إن كنت تريد معانيه فلا بأس )[7] .
الطائفة الرابعة:- ما دل على نسبة الحديث الصادر من إمامٍ إلى الامام الآخر، فإنَّ هذا يدل على حجية خبر الثقة، كرواية ابي بصير:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- الحديث اسمعه منك أرويه عن أبيك أو اسعه من ابيك ارويه عنك، قال:- سواء إلا أن ترويه عن أبي أحب إليَّ )[8] .
الطائفة الخامسة:- ما دل على جواز دفع الكتاب في صحة الرواية عنه، يعني لا يلزم أن يقرأ لك صاحب الكتاب كتابه بل يكفي أن يعطيك كتابه الذي دوّن فيه الروايات وأنت تنقل منه تلك الروايات من دون أن يقرأها هو عليك، فإنّ هذه الطائفة تدل على أنَّ خبر الواحد حجة وإلا فما فائدة الكتابة والتسجيل للروايات في الكتاب، كرواية احمد بن عمر الحلّال قال:- ( قلت لأبي الحس الرضا الرجل من اصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول اروه عني يجوز لي أن ارويه عنه؟ قال فقال:- إذا علمت أن الكتاب له فاروه عنه )[9] .
إلى غير ذلك من الطوائف في هذا المجال
وكل ما ذكرناه واضح.
فإذاً عندنا روايات متعددة وكثيرة يمكن أن تدل على حجية الخبر، ولعله بالتتبع يخصل مقدار التواتر، وهذا واضح، فالمهم إذاً هو تحصيل التواتر.
ولكن لو راجعنا فقد لا نحصل على التواتر اللفظي وإنما نحصل على التواتر المعنوي، فإذا حصلنا عليه فبها وانحلت المشكلة وبذلك حصلنا على دليلٍ جديد على حجية الخبر وهو التواتر المعنوي في الاخبار فإنه بنفسه يكون دليلاً على حجية خبر الواحد.
ولكن إذا لم يسلم حتى بالتواتر المعنوي فهل هناك طريقة أخرى لاثبات حجية خبر الواحد أو لا؟
والجواب:- استعان الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية بفكرة التواتر الاجمالي، بمعنى أننا نعلم بصدور بعض هذه الأخبار ولا نحتمل أنها كاذبة بأجمعها بل لا أقل من وجود خبرٍ واحدٍ منها صادر من الامام عليه السلام، فإذا كان صادراً من الامام عليه السلام فسوف يثبت بهذا الخبر الصادر عن الامام عليه السلام حجية الأخبار.