46/04/18
الموضوع:- الاعتراضات على الاستدلال بآية النبأ لاثبات حجية الخبر - مبحث حجية خبر الواحد.
ذكرنا فيما سبق عنواناً جانبياً وهو التفصيل بين الاحتمالين الاول والثالث، كما ذكرنا أربعة احتمالات في المقصود من آية النبأ وكان الاحتمال الأول منها أنَّ الموضوع فيه هو النبأ والحكم الثابت له هو اتصاف الجائي بالفسق، والتقدير يكون هكذا: - ( النبأ إن جاء به المتصف بالفسق فتبينوا - أو هو ليس بحجة - )، وقلنا إنه بناءً على هذا الاحتمال لا يكون الشرط مسوقاً لبيان تحقق الموضوع، لأنَّ الشرط هو الشخص المتصف بالفسق، واتصاف الشخص بالفسق ليس علَّة للنبأ.
وأما على الاحتمال الثالث فالتقدير كان هكذا: - ( النبأ إن جاء به الفاسق فتبينوا )، وفي مثل هذه الحالة يكون مجيء الفاسق هو المحقق للنبأ، فصار الشرط محققاً للموضوع، وفي مثل هذه الحالة قد يدعى أنه كسائر الشرطيات التي يكون فيها الشرط محققاً للموضوع فقد لا يكون لها مفهوم.
وقلنا ذكر الشيخ الخراساني(قده) تفصيلاً بين الاحتمال الأول وبين الاحتمال الثالث، فهو لم يقل بثبوت المفهوم فيما معاً وإنما فصّل بينهما وذكر أنه يثبت المفهوم على الاحتمال الأول الذي يكون الشرط فيه ( الجائي متصف بالفسق )، وقد قلنا إنَّ الجائي المتصف بالفسق لا يولد النبأ، فهو قال إنَّ الآية الكريمة على الاحتمال الأول تكون دالة على المفهوم بخلاف الثالث ( يعني النبأ إذا جاء به الفاسق فتبينوا ) فتكون مسوقة لتحقق الموضوع فلا يثبت المفهوم.
ثم قلنا وممن اختار ذلك السيد الروحاني ونسبه إلى الشيخ الاصفهاني.
وقد يوجَّه ما ذكره الشيخ الخراساني(قده) بتوجيهين: -
التوجيه الأول: - أن نقول إنه على الاحتمال الأول الشرط كان هو ( إذا كان الجائي متصفاً بالفسق )، ومعلومٌ أنَّ كون الجائي متّصفاً بالفسق لا يولّد النبأ، فلا تصير القضية آنذاك مسوقة لبيان تحقق الموضوع فيثبت المفهوم، وهذا بخلافه على الاحتمال الثالث الذي كان تقديره:- ( النبأ إذا جاء به المتصف بالفسق - أو الفاسق - فتبينوا ) فإنَّ هذا يكون محققاً للموضوع فإنَّ الجائي بالنبأ المتصف بالفسق هو يحقق النبأ بمجيئه وإخباره، فهنا الشرط يصير موجباً لتحقق النبأ فتصير القضية مسوقة لبيان تحقق الموضوع فلا يثبت لها مفهوم.
وفي العليق نقول: - إنَّ هذا التفصيل يتم فيما إذا فرض أنَّ الشرط على الاحتمال الثالث هو ( إن جاء الفاسق بالنبأ )، فإذا فرض أنَّ الشرط كان هو مجيء الفاسق فقط فحينئذٍ لا يلزم أن يكون محققاً للموضوع وبالتالي يثبت المفهوم إذا كان بانتفائه ينتفي النبأ، ولكن من المعلومٌ أنه بانتفاء مجيء الفاسق لا يلزم انتفاء النبأ لأنه قد يجيء به العادل، وعليه فلا يمكن أن نقول لا يثبت المفهوم على الاحتمال الثالث ويثبت على الاحتمال الأول.
فنحن نقول: - إذا كان الشرط هو مجيء الفاسق فقط فما افيد يكون صحيحاً، ولكن إذا جعلنا الشرط هو مجيء الفاسق أو مجيء العادل فهنا بانتفائهما معاً ينتفي الموضوع، وأما إذا كان الشرط هو مجيء الفاسق فقط فبانتفائه لا ينتفي الموضوع لأنه قد يجيء العادل بالنبأ.