الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الاعتراضات على الاستدلال بآية النبأ لاثبات حجية الخبر - مبحث حجية خبر الواحد.

التفصيل بين الاحتمال الأول والثالث:-

كان كلامنا فيما سبق في آية النبأ وأنها تدل على حجية النبأ أو لا، وفي هذا المجال ذكرنا أربعة احتمالات في المقصود من هذه الآية الكريمة وكان الاحتمال الأول هو أن يكون التقدير هو:- ( إذا كان الجائي بالنبأ متصفاً بالعدالة فلا يجب التبيّن عن النبأ ) أو يكون التقدير ( النبأ يجب التبين عنه إذا كان الجائي به متصفاً بالفسق )، وهذه ليست قضية مسوقة لبيان تحقق الموضوع لأنَّ الموضوع هنا هو النبأ يجب التبيّن عنه، يعني أنَّ النبأ ليس بحجة إن كان الجائي به متّصفاً بالفسق، ومن المعلوم أنَّ اتصاف الجائي بالفسق ليس محققاً للموضوع - الذي هو النبأ - وعليه فسوف ينعقد المفهوم لأنَّ الشرط لا يكون مسوقاً لبيان تحقق الموضوع.

وأما إذا بنينا على الاحتمال الثالث فهنا سوف ينعقد المفهوم، ولكن قد يقال:- إنه قد يفصَّل في ذلك فقد يثبت المفهوم على هذا الاحتمال الثالث وقد لا يثبت، وكان الاحتمال الثالث هو (النبأ على تقدير كون الجائي به فاسقاً يجب التبيّن عنه)، وبناءً على هذا قلنا فيما سبق إنَّ هذه القضية ليست مسوقة لبيان تحقق الموضوع فينعقد لها مفهوم.

ولكن يمكن أن يقال:- إنَّ هذه القضية مسوقة لبيان تحقق الموضوع خلافاً لما قلناه سابقاً، لأنَّ الفرض هو أنَّ الشرط محققٌّ للموضوع، لأنَّ الموضوع هو ( النبأ إن جاء به الفاسق )، ومجيء الفاسق يكون محققاً للنبأ، والشرطية المحققة للموضوع لا ينعقد لها مفهوم.

وربما يظهر هذا من الشيخ الخراساني(قده) في بعض كلماته في الكفاية، وممن اختاره السيد الروحاني(قده) في منتقى الاصول[1] ونسبه إلى الشيخ الاصفهاني(قده) أيضاً.

وقد يوجه هذا التفصيل بالبيانين التاليين:-

البيان الأول:- أن يقال إنَّ الشرط على الاحتمال الأول هو اتصاف الجائي بالفسق، فإنَّ النبأ هو الموضوع، فالنبأ إن اتصف الجائي به بالفسق فلا يكون بحجة، وعلى الاحتمال الاول لا يكون الشرط محققاً للموضوع لأنَّ الموضوع هو النبأ والشرط هو اتصاف الجائي بالفسق، ومن المعلوم أنَّ اتصاف الجائي بالفسق أو بالعدالة لا يحقق النبأ.

وأما على الاحتمال الثاني فيكون الشرط محققاً للموضوع، لأنَّ الموضوع هو ( النبأ إن جاء به الفاسق ) وعلى هذا لا يكون حجة؛ إذ من المعلوم أنَّ مجيء الفاسق به يكون محققاً للنبأ فتصير القضية الشرطية مسوقة لبيان تحقق الموضوع وحينئذٍ لا يثبت لها مفهوم.


[1] منتقى الأصول، الحكيم، السيد عبد الصاحب، ج4، ص260.