46/04/15
الموضوع:- الاعتراضات على الاستدلال بآية النبأ لاثبات حجية الخبر - مبحث حجية خبر الواحد.
ونحن نقول:- اتضح مما تقدم أنَّ اثبات المفهوم موقوف على ابطال الاحتمالين الثاني والرابع، فإذا ابطالنهما ثبت المفهوم على الاحتمالين الأول والثالث.
ولأجل ابطال الاحتمالين الثاني والرابع نقول:-
أما الاحتمال الرابع:- فإنه باطل ثبوتاً واثباتا:-
أما أنه باطل ثبوتاً:- فلأن التقدير يصير هو أنَّ ( الفاسق ) هو الموضوع والحكم هو وجوب التبيّن عن الخبر، ووجوب التبيّن ليس حكماً للفاسق فإنَّ الفاسق لا يمكن التبيّن - وهو أنه يجب التبين عنه - بل الذي يجب التبيّن عنه هو خبره وبذلك يكون هذا الاحتمال مرفوض ثبوتاً.
وأما أنه باطل اثباتاً:- فلأنَّ الظاهر من الآية الكريمة هو أنَّ الذي يجب التبيّن عنه هو النبأ - أي نبأ الفاسق - لا الفاسق، لأنَّ الاية الكريمة قالت:- ﴿ إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ﴾ أي تبيّنوا عن النبأ، فالحكم الثابت - وهو وجوب التبيّن - ليس ثباتاً للفاسق وإنما هو ثابتٌ لنبأ الفاسق.
وأما الاحتمال الثاني[1] فهو باطل أيضاً:- ونحن نقول أولاً نوجهه ثم نبطله.
وفي مجال توجيهه نقول:- إنَّ شروط الاحكام قيود لموضوعاتها، مثل الحج حيث قال عَّ وجل:- ﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ﴾ فالوجوب هنا ثابت للقيد وهو الاستطاعة، يعني لبّاً يكون المعنى هو ( المستطيع يجب عليه الحج )، أو يقال لك ( إذا جاءك زيد فأكرمه ) فالموضوع الذي يثبت له الوجوب هو ( الزيد الجائي ) فالمجيء الذي هو شرطٌ يرجع إلى الموضوع الذي هو زيدٌ، فإذا اتضح أنَّ قيود الاحكام ترجع إلى موضوعاتها نقول في ذلك في مقامنا فإنَّ الذي يجب التبيّن عنه ليس هو مطلق النبأ وإنما هو النبأ الذي جاء به الفاسق، وبذلك حصل التوجيه لهذا الاحتمال.
ويمكن دعم ما ذكرنهاه بما ذكره الشيح عبد الكريم الحائري(قده) في درر الاصول[2] حيث قال:- إنَّ موضوع وجوب التبيَّن إذا كان هو طبيعي النبأ فيلزم من مجيء فاسق بالنبأ وجوب التبيّن حتى عن نبأ العادل وهذا لا يمكن الالتزام به، وهو سجل ما ذكره كنقضٍ، وهو لا بأس به. وبه يبطل الاحتمال الثاني أيضاً.