الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الاعتراضات على الاستدلال بآية النبأ - مبحث حجية خبر الواحد.

الاعتراضات على التمسك بآية النبأ: -

قد وجهّت عدّة اعتراضات على التمسك بآية النبأ لإثبات حجية الخبر نذكر منها خمسة، وقد ذكر الشيخ الأعظم(قده) إنَّ الأول والثاني من هذه الاعتراضات لا يمكن دفعه، والاعتراضات هي: -

الاعتراض الأول:- إنَّ الآية الكريمة مسوقة لبيان تحقق الموضوع، والجملة المسوقة لذلك لا مفهوم لها فهي من قبيل ( إن رزقت ولداً فاختنه ) فإنه لا مفهوم لها؛ إذ هي مسوقة لبيان تحقق الموضوع، يعني إذا جاءك طفل فاختنه وليس المقصود أنه إذا لم يجئك طفل فلا تختنه، وفي المقام نقول الآية الكريمة مسوقة لبيان تحقق الموضوع لأنها قالت:- ﴿ إن جاءكم فاسق بنبأ ﴾ يعني أنَّ الفاسق حقَّق الموضوع، يعني ( إذا تحقق النبأ من قبل الفاسق فحينئذٍ تبينوا ) وهذا يصير من قبيل ( إذا رزقت بولد فاختنه ) فهنا الآية الكريمة تريد أن تقول ( إذا الفاسق جاء بالخبر ) ولا تريد أن تقول ( إذا لم يجئك الفاسق ) وإنما تريد أن تقول ( إذا تحقق الخبر من الفاسق فيجب التبين )، ومادامت مسوقة لبيان تحقق الموضوع فلا يفهم منها أنه إذا لم يأت الفاسق بالنبأ فلا يجب التبيّن، ومع عدم ثبوت المفهوم فلا تثبت حجية الخبر.

ولتحقيق الحال حول هذا الاعتراض نقول: - إنَّ الاحتمالات في موضوع الحكم بوجوب التبيّن في الآية الكريمة ثلاث، إذا اضفنا إليها احتمالاً رابعاً أضافه السيد الخوئي(قده) فسوف تصير اربعة: -

الاحتمال الأول: - إنَّ الموضوع هو النبأ الكلي، أي طبيعي النبأ، أي نبأ الفساق، وعليه يصير تقدير الآية الكريمة:- ( النبأ إن جاء به الفاسق فتبينوا )، وبناء على هذا لا اشكال في ثبوت المفهوم ولا يكون الشرط مسوقاً لبيان تحقق الموضوع.

الاحتمال الثاني: - أن يكون الموضوع هو نبأ الفاسق، فيصير التقدير: - ( نبأ الفاسق إن جاء به الفاسق فتبينوا )، فالموضوع هو نبأ الفساق والشرط هو مجيء الفاسق به، وبناء على هذا سوف تكون مسوقة لبيان تحقق الموضوع وعليه فلا ينعقد لها مفهوم.

الاحتمال الثالث: - أن يكون الموضوع هو النبأ ويكون الشرط هو مجيء الفاسق به.

وفرق هذا الاحتمال عن الأول هو أنَّه في الأول الشرط هو كون الجائي متّصفاً بالفسق، بينما على هذا الاحتمال الشرط هو مجيء الفاسق به، وبناء على هذا الاحتمال لا يكون مسوقاً لبيان تحقق الموضوع؛ إذ الموضوع هو النبأ والنبأ لا يتوقف تحققه على مجيء الفاسق به.

الاحتمال الرابع: - ما ذكره السيد الخوئي في مصباح الأصول مصباح الأصول[1] ، وهو إنَّ الموضوع لو جوب التبيّن ليس هو النبأ، ولا نبأ الفاسق، وإنما هو الفاسق، وحينئذٍ نقول الفاسق مرةً يجيء بالنبأ ومرةً لا يجيء به، ووجوب التبيّن ثابتٌ ومعلَّقٌ على مجيئه به بالنبأ، وعليه فيصير التقدير هكذا:- ( الفاسق إن جاء بالنبأ فيجب التبيّن )، وبناءً على هذا لا يكون للآية الكريمة مفهوم.

ثم قال(قده): - إنَّ هذا الاحتمال إن لم يكن هو الظاهر من الآية الكريمة فلا اقل يحتمل أن يكون هو الموضوع ويكفي هذا الاحتمال أن يكون موجباً لعدم ثوبت المفهوم للآية الكريمة، وبالتالي لا يصلح التمسك بها في مقام الاستدلال لإثبات حجية خبر العادل.


[1] مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي)، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص188.