46/04/04
الموضوع:- الاستدلال بآية النبأ على حجية خبر الواحد - مبحث حجية خبر الواحد.
التقريب الخامس: - ما ذكره الشيخ الاصفهاني(قده)، ولعله نفس تقريب الشيخ الاعظم(قده) من حيث الروح ولكن مع اختلاف المنهجة، وحاصله: - إنَّ آية النبأ ذكرت أمرين النبأ والفاسق، والملاك في عدم الحجية هل هو النبأ أو هو الفاسق أو هو المجموع؟ إنَّ في ذلك احتمالات أربع: -
الاحتمال الأول: - أن يكون وجوب التبيّن ثابتاً لأجل الوصف العرضي - الذي هو فسق المخبر - وهو العلَّة التامة لوجوب التبيّن دون الوصف الذاتي - الذي هو والخبرية - وبناء على هذا سوف يثبت المفهوم، لأنَّ النتيجة سوف تصير أنه إذا لم يكن المخبِر فاسقاً فلا تتبيّن فإنَّ التبين ثابتٌ لأجل فسق المخبر وفي خبر العادل لا يوجد فسقٌ للمخبر فيصير المفهوم ( إذا لم يكن المخبر فاسقاً فلا تتبينوا ) وبذلك تثبت الحجبة.
الاحتمال الثاني: - أن يكون الموجب لوجوب التبيّن هو مجموع الوصف، يعني أن يكون خبراً وأن يكون عن فاسق لا الفسق وحده ولا الخبرية وحدها، وبناءً على هذا سوف يصير الخبر حجة؛ لأنَّ العلَّة لوجوب التبيّن هي خبر الفاسق والمفروض هنا عدم وجود الفاسق وإنما الموجود هو العادل فحينئذٍ لا يثبت وجوب التبيَّن وبذلك تثبت الحجية.
الاحتمال الثالث: - أن يكون وجوب التبيّن ثابتاً لحيثية الخبرية لا الفسق، فهذا الوصف الذاتي - وهو حيثية الخبرية - يستدعي وجوب التبيَّن، وهذه الحيثية ثابتة في كلا الخبرين خبر الفاسق وخبر غير الفاسق، وعليه فلا يكونان حجّة معاً.
ولكن جوابه: - إنَّ هذا الاحتمال باطل في حدّ نفسه؛ لأنه مخالفٌ للآية الكريمة؛ إذا المناسب للآية الكريمة بناءً عليه أن تقول ( إن جاءكم - أو إن وردكم - خبرٌ فتبينوا ) فتذكر حيثية الخبرية فقط وتقتصر عليها لأنها كلّ الملاك في عدم الحجية، وحيث إنّ الآية الكريمة اشارت إلى حيثية الفسق ولم تقتصر على حيثية الخبرية فحينئذٍ يثبت أنَّ هذا الاحتمال باطل.
الاحتمال الرابع: - أن يكون المورد من وجود العلّتين، فتوجد علّتان لوجوب التبيّن وهما حيثية الخبرية وحيثية الفسق.
ولكن جوابه: - إنَّ هذا الاحتمال باطل في حدّ نفسه أيضاً، لأجل أنَّ الخبرية وحدها إذا كانت تكفي فلا معنى حينئذٍ لضمّ الفسق إليها بل المناسب أن يقول ( إن وردكم خبر فتبينوا ) لأنَّ هذا يكفي لوجوب التبيّن، وأما العلة الثانية - وهي فسق المخبر - فلا داعي لذكرها.
وبهذا اتضح أنَّ الاحتمالين الأخيرين باطلان والصحيح هما الاحتمالان الأولان وعلى تقدير كليهما يثبت المفهوم، وبالتالي تكون الآية الكريمة دالة على حجية خبر الواحد إذا لم يكن المخبر فاسقاً.
ثم ذكر احتمالاً خامساً وقال: - إنه يفترض وجود علّتان أخريان لوجوب التبيّن وهما فسق المخبر وأن يكون الخبر على خلاف المشهور، وبناءً على هذا إذا لم يكن الخبر لفاسقٍ ولكنه كان مخالفاً للمشهور فلا يكون حجةً لأجل العلّة الثانية.
لكنه أبطله وقال: - إذا كانت هناك علّة أخرى فإن كانت هي علَّة بعنوانها فيلزم من ذلك صدور الواحد من كثير وهو باطل، وإن فرض أنَّ الجامع هو العلَّة فهذا مخالفٌ لظاهر الآية الكريمة فإنَّ ظاهرها هو أنَّ الفسق بما هو هو مخالفٌ للحجية، لا أنَّ الجامع بين الفسق والشهرة هو المخالف لها.