الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الاستدلال بآية النبأ على حجية خبر الواحد - مبحث حجية خبر الواحد.

التقريب الثالث[1] : - أن يقال إنَّ وجوب التبيّن خاص بخبر الفاسق؛ إذ لو لم يكن خاصاً به للزم من ذلك ثبوت وجوب تبيّنٍ آخر لخبر العادل وهو باطل، فإنَّ خبر العادل بما هو خبر عادل لا يقتضي وجوب التبّين، فإنَّ المقتضي لوجوب التبيَّن هو إما مطلق الخبر أو هو خبر الفاسق وأما خبر العادل فلا يقتضي وجوب التبين.

وفي الجواب نقول: - إنَّ هذا يتم فيما إذا اريد من وجوب التبيَّن الوجوب التكليفي، وأما إذا قلنا إنَّ هذا الوجوب ارشادي - أي أنه ارشاد إلى عدم الحجية - فلا محذور حينئذٍ في اناطته بالفاسق فقط كما لا محذور في اناطته بالفاسق والعادل معاً، فإنَّ الوجوب الارشادي لا محذور في ثبوته لخبر الفاسق ولخبر العادل، نعم الوجوب التكليفي لا معنى لثبوته لخبر العادل وإنما إن كان ثابتاً فهو ثابت لخبر الفاسق فقط، وأما إذا كان الوجوب ارشادياً فلا محذور لثبوته لكليهما فيكون خبر كليهما ليس بحجة بناءً على هذا.

التقريب الرابع: - ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) في الرسائل[2] ، وحاصله: - إنَّ الآية الكريمة قد ذكرت وصفين وصفٌ ذاتي ووصفٌ عرضي، فالنبأ وصفٌ ذاتي والفاسق وصفٌ عرضي والاحتمالات في هذا المجال ثلاثة: -

الاحتمال الأول: - أن يكون الذاتي والعرضي كلاهما يقتضي وجوب التبيّن - والذاتي هو النبأ والعرضي هو وصف الفاسق - وإذا كان كلاهما يقتضي وجوب التبيّن فحينئذٍ يكفي ذكر النبأ فقط وضم الفاسق له لا موجب له، فإنَّ هذا نظير قولك ( الانسان الأبيض ينام ) ولكن الصحيح أن تقول الانسان ينام لأنَّ الإنسانية هي التي تقتضي النوم وأما وصف الأبيض فلا خصوصية له ولا سببيّة له للنوم.

الاحتمال الثاني: - أن يكون الوصف الذاتي هو العلَّة لوجوب التبيَّن، وبناءً عليه يكون ذكر وصف الفسق من دون وجه، لأنَّ الموجب للتبيَّن هو الوصف الذاتي - وهو الخبرية - وعليه يكون الوصف العرضي زائداً.

وبعد بطلان هذين الاحتمالين يتعين الاحتمال الثالث.

الاحتمال الثالث: - أن تكون العلَّة لوجوب التبيَّن هي الوصف العرضي - وهو خبر الفاسق - دون النبأ، والنبأ ليس له مدخلية وإنما العلَّة لوجوب التبيّن هي وصف المخبر، وبناءً على هذا تكون الآية الكريمة دالة على المطلوب.


[1] وهذا تكرار للمحاضرة السابقة.
[2] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج1، ص254.