46/03/18
الموضوع:- الأدلة على حجية الشهرة الفتوائية – الشهرة الفتوائية.
وفي التعليق نقول: - إنَّ كلتا المقدمتين قابلتان للمناقشة: -
أما المقدمة الأولى فنقول: - نسلّم أنَّ المقصود من المجمع عليه هو المشهور ولكن كلمة المشهور تأتي بمعنيين، فتارة تأتي بالمعنى الاصطلاحي وهي المشهور بين الفقهاء أي المشهور بين غالب بالفقهاء، وتارة تأتي بمعنى الوضوح كما لو قلنا هذا مطلبٌ مشهور أو هذه قضبة مشهورة أي بمعنى واضحة، ولعل المقصود هو المعنى الثاني - وهو الواضح والمعروف عند الكل - دون المعنى الأول، وعليه فلا تتم هذه المقدمة.
ومما يدعم ما ذكرناه في ردَّ هذه المقدمة أنَّ الامام عليه السلام قال في ذيل الرواية: - ( فإنَّ المجمع عليه لا ريب فيه وإنما الأمور ثلاثة، أمر بيّن رشده فيتبع، وأمر بيّن غيه فيجتنب، وأمرٌ مشكلٌ يرد علمه إلى الله ورسوله )، فالمجمع عليه الذي فسّرناه بالمشهور يدخل تحت العنوان ( أمرٌ بيّن رشده ) ويكون مصداقاً لـه، وإذا دخلت الرواية تحت هذا العنوان فحينئذٍ تصير الرواية المشهورة بمعنى الواضحة.
إن قلت: - إنَّ الراوي فرض الشهرة في كلتا الروايتين حيث قال بعد ذلك: - (قلت:- فإن كان الخبران عنكما مشهوران؟) وكيف يكون كلا الخبرين مشهوراً بمعنى الوضوح؟
قلنا:- لا بأس بوجود خبران معروفان ووضحان عند الاصحاب ولكنهما متعارضان، نعم إنَّ الذي لا يمكن أن يكون واضحاً بهذا الشكل هو الفتوى حيث لا يمكن أن تصير فتوى معينة مشهورة بين الفقهاء ويلتزم بها اغلب الفقهاء كتسعمائة منهم من أصل ألف فقيه وكذلك توجد فتوى معاكسة لها ويلتزم بها هؤلاء التسعمائة أيضاً، فمثلاً طهارة الخمر ونجاسته لا يمكن أن يكون مشهور فتوى الفقهاء هو الطهارة وفي نفس الوقت يكون مشهورهم هو النجاسة فإنَّ هذا يعني أنَّ الفقهاء قد التزموا بالنجاسة والطهارة معاً وهو غير ممكن، وأما الشهرة في الروايات فلا بأس بها، وعليه فهذه المقدمة باطلة أيضاً.