الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول

46/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- حجية الشهرة الفتوائية - مبحث الاجماع.

هل الشهرة الفتوائية حجة أو لا؟

والجواب:- المناسب عدم الحجية، فإنَّ الوجه لحجيتها هو إما دليل حجية الاجماع حيث نقول بما أنَّ الاجماع حجة فالشهرة الفتوائية تكون حجة أيضاً، أو يكون يكون الوجه لحجيتها أربعة أمور اخرى سنذكرها لاحقاً.

أما إذا كان المستند لحجيتها هو الاجماع فالجواب واضح:- فإنَّ العدد في باب الاجماع أكبر فإنَّ المفروض أنَّ الاجماع حاصل من الكل وبنسبة مائة بالمائة بينما الشهرة الفتوائية حاصلة من الاكثر كسبعين أو ثمانين بالمائة، وحجية الاجماع لا تلازم حجية الشهرة الفتوائية.

وأما إذا كان المستند لها شيئاً آخر فيمكن أن نذكر الأدلة الاربعة التالية:-

الدليل الأول:- إنَّ دليل حجية الخبر دل على حجية الخبر وذلك بالأولوية يستلزم حجية الشهرة الفتوائية باعتبار أنَّ الظن الذي يحصل من الشهرة الفتوائية أكثر وأكبر؛ إذ العدد أكبر في الشهرة الفتوائية بينما في الخبر الذي ينقل الخبر هو شخصٌ واحد، فإذا كان نقل الشخص الواحد حجة ففي باب الشهرة الفتوائية حيث إنَّ الأكثر متفقون على الحكم فيلزم أن تكون الشهرة الفتوائية أولى بالحجية.

والجواب:- إنَّ الخبر فيه جهة امتياز يمتاز بها عن الشهرة الفتوائية وهي أنه يخبر عن الامام عليه السلام وهذه جهة وجنبة كشفٍ عن رأي الامام عليه السلام، بينما في الشهرة الفتوائية هي مجرّد فتوى من قبل الفقهاء والإمام عليع السلام لا مدخلية له في ذلك، فالحكاية هنا ليست حكاية عن الامام عليه السلام كما في الخبر؛ إذ في الخبر يفترض أنَّ المحكي هو عن الامام عليه السلام وبما أنَّ المحكي هو عنه عليه السلام فيقال بحجيته، بينما في الشهرة الفتوائية هي عن الفهقاء فلا يلزم من حجية الخبر حجيتها.

الدليل الثاني:- مقبولة ابن حنظلة حيث قالت:- ( ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند اصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند اصحابك فإنَّ المجمع عليه لا ريب فيه ... )[1] ، فإنها دلت على حجية الرواية المشهورة وحينئذٍ قد يقال إنَّ ذلك يستلزم حجية الشهرة الفتوائية وذلك ببيانين:-

البيان الأول:- إنَّ المقصود بالمشهور الذي ذكرته الرواية هو الفتوى المشهورة حيث قالت الرواية:- ( ما حكم به المجمع عليه عند صاحابك ) فإنه قد يقال إنَّ المقصود من المجمع عليه هو الرواية المجمع عليها ونحن كلامنا في الرواية المشهورة، ولكن نقول إنَّ هذا غير صحيح لأنَّ الامام عليه السلام قال:- ( ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند اصحابك ) فالمدار هو على الشهرة، هذه مقدمة أولى، والمقدمة الثانية هي أنَّ الشهرة التي نتكلم عنها والمقبولة هي الشهرة الروائية بينما كلامنا هو اثبات حجية الشهرة الفتوائية، وعليه فلابد من إلغاء الخصوصية هنا لأنَّ الامام عليه السلام علل وقال:- ( ويترك الشاذ الذي ليس بمشهورٍ عند اصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه ) يعني معناه أنَّ الاجماع والشهرة يمكن عدم الريب فيهما وحينئذٍ يصير المورد من قبيل ( لا تأكل الرمان لأنه حامض ) حيث يتعدى لكل حامضٍ فيثبت هنا أيضاً أنَّ كل مشهورٍ هو حجة سواء كان شهرة روائية أو فتوائية تمسكاً بعموم التعليل.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج27، ص106، أبواب صفات القاضي، باب9، ح1، ط آل البيت.