الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

46/03/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- حجية الاجماع المحصَّل عند الامامية - مبحث الاجماع.

ونلفت النظر إلى أنَّ طريقة الملازمة العادية موقوفة على ثلاثة أمور: -

الأول: - يلزم احراز اتفاق الطبقة المتقدمة من الفقهاء، وأما الطبقة المتأخرة فربما لا يلزم اتفاقهم.

الثاني: - لا يضر مخالفة الطبقة المتأخرة إذا لم تشكل مخالفتهم رقماً معتداً به.

الثالث: - لابد من فقدان أيّ مدركٍ يدل على الحكم المتفق عليه وإلا صار الاجماع محتمل المدرك فيحتمل الاستناد إلى ذلك المدرك.

الطريقة الرابعة: - وهي أنه يمكن تحصيل رأي الامام عليه السلام من خلال تطبيق طريقة حساب الاحتمال، وذلك بأن يقال: - إنَّ فتوى كل فقيهٍ من الطبقة المتقدمة له قيمة احتمالية في الكشف عن الواقع وأنَّ هذه الفتوى مطابقة للواقع، فإذا انضم إلى ذلك فتوى الفقيه الثاني - الذي هو من الطبقة المبرزة أيضاً كما قلنا - فحينئذٍ سوف تزيد قيمة الاحتمال، وإذا انضم إلى ذلك فتوى الفقيه الثالث والرابع .... وهكذا فحينئذٍ قد يحصل الاطمئنان برأي الامام عليه السلام وبذلك تثبت الحجية كما هو الحال في الخبر المتواتر فإنَّ الخبر إذا انضم إليه الخبر الثاني فاحتمال الإصابة للواقع يصير اقوى، وإذا انضم إليه الخبر الثالث والرابع ... وهكذا فحينئذٍ قد تتصاعد درجة الاحتمال إلى حدٍّ لا يعتنى بالاحتمال المخالف، وفي مقامنا قد تطبَّق فكرة حساب الاحتمال وتثبت من خلالها الحجية.

وهي طريقة مقبولة فيما إذا كان الاحتمال تصاعد إلى حدَّ الاطمئنان - كخمسة وتسعين بالماءة أو أكثر - فحينئذٍ يصير هذا الاحتمال معتبراً.

وأشكل الشيخ النائيني[1] والسيد الخوئي(قده)[2] على هذه الطريقة: - بأن تقوّي الاحتمال وارتفاع درجته وجيه فيما إذا كان الإخبار عن حس فإنه في مثله يضعف احتمال الخطأ أو الكذب، بخلاف ما إذا كان الإخبار عن حدس، وحيث أنَّ حكم الفقهاء يكشف عن الواقع من خلال الاجتهاد والحدس فلا يتقوّى الاحتمال حينئذٍ.

وفي التعليق نقول:- تارة نحتمل تعدّد مستند المجمعين وأخرى نجزم بوحدته، وما ذكره العلمان يتم فيما إذا احتمل تعدد المدرك، وأما إذا كنا نجزم بوحدته ففي مثل هذه الحالة يمكن حصول الاطمئنان بالحقّانية، كما هو الحال في ماء المطر حيث وردت فيه رواية الكاهلي وهي تدل على أنه لا يتنجس بملاقاة النجاسة مادام المطر يتقاطر والفقهاء افتوا على طبقها من دون خلافٍ والسيرة جارية على ذلك أيضاً، بيد أنَّ رواية الكاهلي فيها اشكال سندي إذ لم يوثّق بعض رجال سندها ولكن بعد كون المستند للفقهاء أجمع هو رواية الكاهلي فهذا يوجب بحساب الاحتمال حصول الاطمئنان للفقيه بما دلت عليه هذه الرواية.

كما اتضح أيضاً أنَّ الاجماعات المدركية يمكن أن ترقى إلى مستوى الحجية احياناً وذلك فيما إذا جزم بوحدة المدرك، لا أن نطرح كل الاجماعات المدركية، بل إذا جزم بوحدة المدرك فيمكن حينئذٍ أن نجزم بالحجية.

هذا كله في الاجماع المحصَّل وقد اتضح تماميته في مورد تمامية الملازمة العادية.


[1] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج3، ص172.
[2] مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري)، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص162.