الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

46/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- حجية الاجماع المحصَّل عند الامامية - مبحث الاجماع.

واشكل على هذه الطريقة بثلاثة اشكالات: -

الاشكال الأول: - ما ذكره الشيخ النائيني والسيد الخوئي من أنَّ الملازمة ثابتة بين رأي المرؤوس ورأي الرئيس فيما إذا كانا متعاصرين في زمانٍ واحد، فمع وحدة الزمان إذا بيّن المرؤوس رأياً فهنا نقول إنَّ هذا الرأي قد وصل من رئيسه الذي هو معاصر له، وهذا مفقودٌ بالنسبة إلى الاجماع؛ إذ ليست هناك معاصرة بين الامام عليه السلام وبين الفقهاء وكيف يلتقي الفقهاء بالإمام عليه السلام ويأخذون الحكم منه؟!!

والجواب عنه: - ليس المقصود من المعاصرة التي يمكن من خلالها اثبات تلقي الحكم من الامام عليه السلام هو بمعنى التلقي المباشري بحث يرى بعض الفقهاء الامام عليه السلام ويتشرفون بحضرته ويأخذون الحكم منه وإنما المقصود هو أنَّ هذا الاجماع الحاصل بين الفقهاء يكشف عن وضوح هذا الحكم وأنه قد وصل إليهم جيلاً عن جيل بنحو الوضوح، فهذا الحكم كان واضحاً عند الطبقة المتقدمة، والطبقة المتقدمة تلقته من الطبقة السابقة عليها ... وهكذا إلى أن نصل إلى عصر الامام عليه السلام.

الاشكال الثاني: - وهو للسيد الاصفهاني[1] والسيد الخوئي[2] من إنَّه لعلنا لو اطلعنا على الرواية التي استند إليها الفقهاء في الحكم لم تكن تامة سنداً أو دلالة عندنا، وعليه فلا يمكن الحكم بحجية الاجماع.

والجواب قد تقدم: - وهو إنَّ المقصود ليس هو استناد الفقهاء إلى روايةٍ حتى يقال لعلها ليست بتامة سنداً أو دلالة وإنما المقصود هو الوضوح، يعني أنَّ هذا الجيل من الفقهاء الموجود في زماننا اتفاقه يكشف عن الوضوح لدى الجيل السابق عليه واتفاق الجيل السابق يكشف عن وضوح الحكم عند الجيل الأسبق ... وهكذا، فالكاشفية هي الكشف عن الوضوح وليس الكشف عن روايةٍ حتى يأتي ما ذكر.

الاشكال الثالث: - إنَّ الاجماع بمعنى اتفاق الفقهاء لا يمكن استكشافه واثباته عادةً وإنما ذلك شيءٌ صعبٌ فإنَّ الفقهاء كثيرون في كل عصر وبلدانهم مختلفة ومترامية وكيف يمكن تحصيل رأي هؤلاء ماداموا كذلك؟!!

والجواب: - ليس المقصود من الاجماع هو اجماع كل الفقهاء بحيث لا يشذّ منهم واحد أو اثنان، بل المهم هو الطبقة المبرّزة منهم في كل بلد وفي كل عصر كالمحقق الحلي وشيخ الطائفة وغيرهما، فالمهم هو اتفاق مثل هؤلاء، فهنا نقول إن اتفاق هؤلاء الفقهاء على الحكم مع عدم وجود رواية تدل عليه يدل على أنه قد وصل إليهم بوضوح من الطبقة المبرزة السابقة ... وهكذا الحال الى أن نصل إلى عصر الامام عليه السلام وبذلك يثبت حجية الاجماع.


[1] نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج3، ص185.
[2] مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي)، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص163.