الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/11/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التفصيل السادس في حجية الظهور - النقطة الثانية ( تفاصيل حجية الظهور ) - حجية الظهور - مبجث الظن.

ثانياً: - لو سلمنا أنَّ الآية الكريمة تنهى عن اتباع الظواهر وفسَّرنا المتشابه بما يشمل الظاهر إلا أننا نقول إنها ذمت اتباع المتشابه ابتغاء الفتنة أي لأجل الفتنه فيصير المبغوض هو اتباع المتشابه - والذي من مصاديقه الظواهر - لأجل الفتنة وأما اتباع الظواهر لا لأجل الفتنة فلا يكون محرماً بمقتضى هذه الآية الكريمة.

ثالثاً: - إنَّ نفس هذا الاستدلال هو تمسك بالظهور لإثبات عدم حجية الظهور، فأنت تريد أن تردّ على العمل بالظواهر وتقول إنَّ ظواهر الكتاب ليست بحجة بينما أنت تمسكت بظواهر الكتاب حيث فسرت المتشابه بالظهور فكيف تمسكت بما لا تراه حجة؟!!

رابعاً: - إنك استدللت بهذه الآية الكريمة لعدم جواز التمسك بظواهر الكتاب ونحن نقول بل يوجد ما يأمر بلزوم ابتاع الكتاب الكريم وذلك من ولا يكون إلا من خلال التمسك بظواهره، من قبيل قوله تعالى:- ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾[1] ، ومن قبيل قوله تعالى:- ﴿ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾[2] ، فالهدى يكون من خلال الظواهر والتدبر يكون من خلال الظواهر أيضاً، ومن قبيل قوله تعالى:- ﴿ هَٰذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ﴾[3] وذلك لا يكون إلا من خلال اتباع الظواهر.

خامساً: - لو سلمنا أنَّ المدار هو على الرجوع إلى تفسير أهل البيت عليهم السلام ولكن نقول إنَّ تفسيرهم ليس بثابتٍ في جميع الكتاب الكريم بل هو ثابت في قسمٍ من آياته - ولعله القسم القليل منها - فتبقى الآيات الأخرى من دون حجة وإنما تكون لمجرد القراءة فقط وهذا خلف كونه كتاب هداية.

سادساً: - إنَّ روايات أهل البيت عليهم السلام نفسها تحث على الأخذ بالظواهر كحديث الثقلين فإنه يقول: - ( ... ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابداً ) والتمسك بالكتاب الكريم لا يكون إلا بالظواهر.

وكذلك الحال في باب الشروط فقد أُمِرنا بردّ الشروط إلى الكتاب الكريم فما وافقه أخذنا به وما خالفه رددناه والرد إلى الكتاب الكريم لا يكون إلا بالرد إلى ظواهره فإنَّ المخالفة والموافقة للكتاب الكريم هي موافقة ومخالفة لظواهره.

الدليل الثاني: - التمسك بما دل على اختصاص فهم الكتاب الكريم بأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام لأنهم هم المخاطبون به فإنه ( إنما يعرف القرآن من خوطب به ) فهم الذين يعرفون القرآن وظواهره.

ويرده: -

أولاً: - لابد من حمل هذه الروايات على كون المقصود من أنَّ معرفة القرآن الكريم تختص بهم على المعرفة الكاملة بما في ذلك الناسخ والمنسوخ والعام والخاص وغير ذلك وليس المقصود أنَّ معرفة حتى ظواهره تختص بهم عليهم السلام وإلا فكيف أمرنا المعصومون عليهم السلام بالتدبر في الكتاب الكريم وردّ الشروط إليه في باب المعاملات فما وافقه كان شرطاً صحيحاً وما خالفه كان شرطاً باطلاً.

ثانياً: - إنه ورد في بعض الروايات أنَّ السائل يسأل للإمام عيه السلام في مورد المسح على بعض الرأس في الوضوء فيقول ( من أين علمت أن المسح هو ببعض الرأس؟ ) فأجابه الامام عليه السلام: - ( لمكان الباء )، يعني أنَّ الآية الكريمة لم تقل وامسحوا رؤوسكم حتى يفهم منها مسح جميع الرأس وإنما قالت ( برؤوسكم ) أي بعضها وإلا لما كان هناك مكان للباء فلو كان لا يجوز التمسك بالظواهر لأستكه الامام عليه السلام ولقال له نحن المختصون بالظواهر دونكم لا أنه يعلمه كيفية معرفة الظهور وأنَّ هذه الباء تجعل ظهوراً في المسح ببعض الرأس.


[1] السورة محمد، الأية 24.
[2] السورة بقره، الأية 2.
[3] السورة آل عمران، الأية 138.