45/11/26
الموضوع: التفصيل السادس في حجية الظهور - النقطة الثانية ( تفاصيل حجية الظهور ) - حجية الظهور - مبجث الظن.
التفصيل السادس: - ما نسب إلى الاخباريين من عدم حجية ظواهر الكتاب الكريم وحجية ظواهر السنّة الشريفة.
قال الشيخ يوسف البحراني(قده) في المقدمة الثالثة من مقدمات كتاب الحدائق: - ( وأما الاخباريون فالذي وقفنا عليه من كلام متأخريهم ما بين افراط وتفريط فمنهم من منع فهم شيء منه مطلقاً حتى مثل قل هو الله أحد إلا بتفسير من أصحاب العصمة عليهم السلام ومنهم من جوز ذلك كاد يدّعي المشاركة لأهل العصمة في تأويل مشكلاته )[1] .
وقد أنتج هذا التفصيل الذي نسب إليهم نتيجتين غريبتين: -
النتيجة الأولى: - اسقاط الكتاب الكريم عن الحجية وعدم امكان الاستدلال به، وبذلك يكون الكتاب الكريم للقراءة فقط من دون أن تكون لظواهره حجية، وبذلك قالوا بحجية جميع الاخبار والتي من خلالها رفضوا فكرة تقسيم الاخبار إلى معتبر وصحيح وموثق وضعيف وغير ذلك بل أخذوا بجميع الاخبار وقالوا باعتبارها حتى الضعيفة منها.
كما استبعدوا حجية العقل إلا في موردٍ واحد وهو اثبات الخالق عزَّ وجل وأما فيما عداه فهو ليس حجة، والسبب في عدم اعتبارهم الحجة للعقل هو أنهم لو اعتبروه حجة فسوف يصطدم مع الكثير من الروايات والمفروض أنهم يبنون على حجية جميع الاخبار بعد بنائهم على عدم حجية ظواهر الكتاب فهم سدَّوا باب الحجية بلحاظ الكتاب الكريم والتزموا بحجية جميع الاخبار ولازم ذلك رفض حجية العقل لأنه قد يصطدم مع كثير من الاخبار.
النتيجة الثانية: - إنَّهم التزموا بأنَّ الكتاب الكريم ليس كتاب هداية لأنه لا يصح التمسك بظواهره وإنما هو لمجرد القراءة لا أكثر من ذلك.
والحال هذا غير صحيح فأنَّ الكتاب الكريم يقول:- ﴿ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ اقفالها ﴾، وتقول سيدة نساء العالمين عليها السلام تذكر في خطبتها في مقام وصف الكتاب الكريم وأنهم كيف اعرضوا عنه:- ( بينة بصائرة منكشفة سرائره متجلية ظواهره قائد إلى الرضوان اتباعه مؤدٍ إلى النجاة استماعه به تنال حجج الله المنوّرة ... )[2] فكيف لا يكون حجة والحال أنه يتصف بهذه الاوصاف؟!!
وقد يستدل للإخباريين ببعض الأدلة: -
الدليل الأول: - قوله تعالى: - ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ﴾[3] .
وتقريب الدلالة: - انهم قالوا إنَّ المتشابه التي نهت الآية الكريمة عن اتباعه هو بمعنى ما كان لفظه صالحاً لإرادة أكثر من معنى، والظاهر هو من قسمٌ المتشابه لأنَّ معناه لا ينحصر بواحدٍ وإلا صار صريحاً ونصاً ولم يصر ظاهراً.
وفي مقام الاشكال على هذا الاستدلال نقول:- إنَّ هذا الاستدلال إما أن يكون من باب التمسك بكلمة (متشابهات) من دون ضم رواية لها أو يكون من باب التمسك بها مع ضم تفسير الروايات، فإن كان من باب التمسك بها من دون ضم الروايات إليها فنقول إنّ هذا معناه أنكم قلتم بحجية ظواهر الكتاب من حيث لا تشعرون، لأنكم لو تمسكتم بكلمة ( متشابهات ) من دون تفسيرٍ برواية فليس لكم إلا أن تتمسكوا بظاهرها وتقولوا إنَّ ظاهرها هو الشمول للظواهر وهذا تمسكٌ بظواهر الكتاب الكريم، وأن فسرتموها بذلك من خلال التفسير الروائي فنقول إنَّ التفسير الروائي لكلمة متشابهات متعدد وليس واحداً ومنه ما وراه الشيخ الكليني في تفسير هذه الآية الكريمة عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة عن علي بن حسّ[4] ان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( في قوله تعالى " هو الذي أتزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنَّ أم الكتاب" قال:- أمير المؤمنين الأئمة، " وأخر متشابهات " - فلان وفلان - " فأما الذين في قلوبهم زيغ " - اصحابهم وأهل ولايتهم - " فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم" - أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة عليهم السلام - ).
أما سندها: - فهو معتبر على مسلك الاخباري لأنَّ جميع الروايات عنده معتبرة.
وأما دلالتها: - فإنه لو كان المدار على التمسك بكل ما ورد في الروايات وليس على التمسك بظواهر الكتاب الكريم فلابد وأن نفسر هذه الآية الكريمة بهذا التفسير وهل يلتزم بذلك؟!!، وهذا نذكره كمثال وإلا فيمكن أن نذكر امثلة أخرى في المقام.