45/11/17
الموضوع: - النقطة الثاني ( تفاصيل حجية الظهور ) - حجية الظهور - مبجث الظن.
النقطة الثانية: - تفاصيل في حجية الظهور: -
هناك عدّة تفاصيل في حجية الظهور نذكر منها ما يلي: -
التفصيل الأول: - إنه مع وجود الظن بخلاف الظهور سوف لا يكون الظهور حجة، فشرط حجية الظهور هو عدم الظن بالخلاف، بل ربما يقال إنَّ شرط حجيته هو حصول الظن بالوفاق.
وقد أجاب الشيخ الأعظم والخراساني(قده) عن هذا التفصيل: - بأنَّ سيرة أهل اللسان منعقدة على العمل بالظهور من دون اشتراط عدم الظن بخلافه، بل دائماً يوجد احتمال إرادة خلاف الظهور ولكن حتى لو حصل ظنٌّ بذلك إلا أنَّ السيرة جارية على العمل بالظهور وعدم الالتفات إلى الاحتمال المخالف.
التفصيل الثاني: - وهو ما ذكره الشيخ النائيني(قده) حيث فصّل في حجية الظهور بين الظهور في باب الأمور التكوينية فيعتبر فيه حصول الظن بالوفاق وبين الأغراض التشريعية - يعني آمر ومأمور ووجوب وحرمة - فيكون حجة مطلقاً.
كقضية السفر مثلاً فإنها قضية تكوينية فلو ظننا هل نسافر غداً أو لا فإذا حصل الظن بالخلاف فسوف لا يكون الظهور حجة بل يلزم حصول الظن بالوفاق، ولعل السيرة تؤيد ذلك فإنك إذا لم تظن بمقتضى ظاهر الكلام فسوف تذهب وتسأل الآخرين إلى أن تتأكد، وحيث إنَّ المهم هو الأغراض التشريعية - لأنَّ كلامنا في ظهورات الكتاب والسنة فإنَّ ظهوراتها تشريعية ولا ترتبط بالأمور التكوينية - فتكون حجة مطلقاً.
والمناسب أن يقال: - إنَّ الظهور حجة مطلقاً - يعني لا يعتبر حصول الظن بالوفاق بل حتى لو حصل الظن بالخلاف فمع ذلك الظهور حجة - وذلك لوجهين: -
الوجه الأول: - باب التعارض، فإنه في باب التعارض لا يكون هناك ظن بالوفاق على طبق كليهما؛ إذ كيف يحصل ذلك والحال أنَّ هذا يعني الظن بالمتنافيين وهو غير ممكن، وعليه فمادمنا نفترض وجود متعارضين فلا يلزم حصول الظن على وفق أحدهما بل حتى الظن على خلاف أحدهما لا يضرُّ أيضاً. والفقهاء لم يفصّلوا في باب المتعارضين بهذا التفصيل وإنما قاموا بإعمال قواعد باب التعارض ولم يقولوا عليتا أن نلاحظ أحدهما فإذا لم يوجد ظن بالوفاق أو ظن بالخلاف فسوف يكون ساقطاً عن الحجية ونأخذ بالآخر، بل هم لم يفصلوا هذا التفصيل وهذا معناه أنَّ حجية الظهور ثابتة مطلقاً من دون اشتراط الظن بالوفاق بل بلا اشتراط حصول الظن بالخلاف، ومن هنا قالوا في باب المتعارضين أنهما يتساقطان لا أنه يقدَّم احدهما - وهو من كان يوحد ظن على وفقه - ويطرح الآخر الذي لا يوجد ظن على وفقه أو ظن على خلافة فمثل هكذا التفصيل لم يقل به أحد وإنما جعلوا المدار على شيءٍ آخر وهو الموافقة للكتاب والسنَّة القطعية، فما وافق الكتاب الكريم أو ما وافق للسنَّة القطعية هو المقدم، فالمدار في التقديم والتأخير هو على الموافقة والمخالفة للكتاب والسنَّة وليس على حصول الظن بالوفاق أو عدم الظن بالخلاف فإنَّ هذا الشيء لا يذكر.
الوجه الثاني: - أن نقول إنَّ المنشأ لا يخلو عادةً من أربع احتمالات: -
الاحتمال الأول: - أن يكون ذلك بسبب عدم الجزم بالظهور.
وجوابه: - إنَّ هذا باطل، فإنَّ محل كلامنا ما إذا جزمنا بالظهور ولكن احتملنا أو ظننا إرادة خلاف الظاهر لا أنه لا يوجد ظهور اصلاً.
الاحتمال الثاني: - احتمال غفلة المتكلم لبيان القرينة، فإنَّ السبب الذي دعانا إلى احتمال إرادة المتكلم إرادة خلاف الظهور هو أنَّه اعتمد على قرينة ولكنه غفل عن بيانها.
وجوابه: - إنَّ احتمال غفلة المتكلم عن القرينة المخالفة للظاهر هو احتمال لا يعتني به العقلاء، فهو في حكم العدم، وهذا واقع.
الاحتمال الثالث: - غفلة السامع عن القرينة المخالفة للظاهر.
وجوابه واضح: - فإنَّ المفروض أنَّ السامع هو رجل عالم دقيق وقد فحص ودقق ولم يجد أيَّ قرينةٍ مخالفة للظهور.
الاحتمال الرابع: - احتمال التقية، فإنَّ المتكلم أراد خلاف الظهور من جهة التقية.
وجوابه واضح حيث يقال: - بالتالي هنا يوجد ظهور والظهور مضمونه مراد لا أنه غير مراد ولكن نحتمل عدم إرادة مضمون هذا الظهور للتقية لا أنه لا يوجد ظهور أصلاً أو لا يريد المتكلم الظاهر، بل الظهور موجود والمعنى يريده أيضاً ولكن سبب إرادته لهذا الظاهر هو التقية لا أنَّ التقية تنفي ارادة مؤدى الظهور بل مؤدى الظهور مراد ولكن أراده لأجل التقية.
ومن خلال ما ذكرنا اتضح أنَّ التفصيل في حجية الظهور بين الظن بالوفاق والظن بالخلاف باطلٌ بل هو حجة مطلقاً لما أشرنا إليه