45/11/16
الموضوع: - اثبات حجية الظهور - حجية الظهور - مبجث الظن.
وقد يستشكل على التمسك بالسيرة العقلائية لإثبات حجية الظواهر ببعض الاشكالات: -
الاشكال الأول: - إنَّ السيرة العقلائية لا تكون دليلاً وحجة إلا إذا امضيت من قبل الشرع، والامضاء يكون من خلال عدم وجود الرادع من العمل بها، وقد يقال إنَّ الرادع موجود وهو ما دل على عدم جواز اتباع غير العلم فإنه توجد آيات كريمة متعددة تنهى عن اتباع الظن مرَّة وعن اتباع غير العلم أخرى، وحيث إنَّ السيرة العقلائية تحتاج إلى الامضاء نقول إنَّ الامضاء ليس بموجود بعد وجود ما يدل على الردع عنها، فلا تكون حجة.
والجواب: - هناك شيء عقلائي لابد من توفره حتى يتم الردع وهو أنَّ قوة الردع لابد وأن تتناسب مع قوة المردوع، فكلما كان المردوع مهما وقوياً فلابد وأن يكون الردع عنه مشدداً، وفي المقام بما أنَّ السيرة العقلائية قضية مستحكمة بين العقلاء فلابد وأن يكون الردع عنها قوياً ولا يكفي عموم ما دل على عدم جواز العمل بغير العلم بل يحتاج إلى نهي عن السيرة العقلائية بعنوانها كما لا يكفي نهي واحد بل لابد من وجود نواهٍ متعددة وردع مستحكم وهو ليس بموجود وعليه فلا يثبت الردع.
الاشكال الثاني: - إنَّ السيرة بين الناس العاديين هي انهم يعتمدون على المخصّصات والقرائن المتصلة وليس على الاعتماد على القرائن المنفصلة، ومعه فلا فيمكن أن نستكشف من سكوت الشرع الرضا بالعمل بظواهر الكلام.
ويمكن صياغة الاشكال بصياغة أخرى وذلك بأن يقال: - إنَّ سيرة الناس العاديين أنهم يعتمدون على المخصّصات والقرائن المتصلة دون المنفصلة كما هو الحال عند الشرع فإنَّه يعتمد على القرائن المنفصلة، فالعمل بالقرائن المنفصلة حالة ليست مألوفة لدى العقلاء حتى يستكشف من سكوت الشرع عنها رضاه بالعمل بظواهر الكلام.
والجواب: - إنَّ هذا وإن كان وجيهاً ولكن لأجل غفلة الناس عنه يلزم الردع عنه، فلو لم يكن العمل بالسيرة مرضياً يلزم الردع عنه من قبل الشرع فعدم الردع يدل على رضا الشرع بذلك.
الاشكال الثالث:- أن يقال إنَّ سيرة العقلاء على العمل بالظواهر له شكلان، الأول في مجال اغراضهم الشخصية التكوينية فإنهم يعتمدون فيها على الظواهر وهذا صحيح ومقبول، والثاني أنهم يعتمدون عليها في مجال اغراضهم التشريعية من الأمر والنهي، أما سيرتهم على الأخذ بالظواهر في اغراضهم التكوينية المرتبطة بأغراضهم الشخصية فهو لا تؤثر على الشرع لأنها سيرة في شؤونهم الخاصة ولا يحتاج إلى الردع عنها، وأما سيرتهم في مجال الاحكام فينبغي أن يكون واضحاً أنه لا معنى لأن يجعل العقلاء أمارة من الامارات حجة في حق غيرهم، بل هم يجعلون الظواهر حجة في امورهم الخاصة ولا معنى لأن يتدخلون في أمور غيرهم ويجعلونها حجة فيها.
والجواب: - صحيح أنه لا معنى لأن يجعل العقلاء الظواهر حجة في احكام غيرهم والمناسب أنهم يجعلونها حجة في أمورهم فقط ولكن قد يغفل العقلاء ويطبقون هذه السيرة على احكام الشرع وحينئذٍ يحتاج الشارع إلى اصدار الردع عنها وأن يحذرهم مسبقاً من أن لا يطبقونها على احكامه.
الاشكال الرابع: - إنَّ اقتناص بعض الظهورات يحتاج إلى مناسبات الحكم والموضوع أو تنقيح المناط وحينئذٍ يقال إنَّ العمل بالظهور إذا احتاج إلى مثل هذه الأمور فهو مردوع عنه بما دل على عدم تفسير القرآن الكريم بالرأي أو النهي عن العمل بالقياس أو ما شاكل ذلك، فصحيح أنَّ العقلاء من حقهم أن يعملوا ذلك في احكامهم إلا أنَّ تطبيقها على كلام الشرع ليس بمقبول، وعليه فلا تكون حجة. أو يقال إذا احتيج الظهور إلى مثل هذه الأمور فحينئذٍ لا يصدق كونه ظهوراً.
والجواب: - إنَّ اعمال مناسبات الحكم والموضوع قضية عرفية ويرضاها العرف وحينئذٍ يصدق تحقق الظهور عرفاً ومع صدقه فحينئذٍ لا يصدق عنوان التفسير بالرأي بل هو عملٌ بالظهور مادام اعمال تلك المناسبات شيئاً عرفياً.