45/11/09
الموضوع: - هل يكفي في اثبات حجية السيرة العقلائية عدم احراز الردع عنها أو لابد من احراز الردع عنها؟ - مبجث الظن - الدليل العقلي.
ومن جملة السير المتعارفة بين أصحاب الائمة عليهم السلام أنهم كانوا يقفون عرفات ومنى وغيرهما مع القوم ولم ينقل إلينا الخلاف في ذلك ولو كان الأمر على خلافهم لطرح أصحاب الأئمة الأسئلة على الأئمة عليهم السلام في كفاية ذلك وعدمه والحال أنَّ ذلك لم يذكر في الروايات أبداً فعدم النقل يدل على أنَّ سيرتهم كانت سيرة طبيعية غير ملفتة للنظر وهي الوقوف معهم فإنَّ الوقوف في يوم ثانٍ غير ما يقفون فيه وخصوصاً مع وجود السلطة الاموية أو العباسية هو موقفٌ شديد ومعارضٌ للسلطة ولنقل إلينا لأنه يكون ظاهرة ملفتة للنظر وتستحق النقل ومادام لم ينقل ذلك فهذا يدل على أنَّ الوقوف كان موحَّداً.
بل يمكن أن نصعّد اللهجة ونقول: - حتى لو قطع بالخلاف وأنَّ قاضي السلطة افتى بالهلال مخالفاً للواقع فهنا أيضاً يكيفنا الوقوف معهم، لإنه لو كان لا يجوز الوقوف معهم لصدر من الأئمة عليهم السلام شيءٌ في هذا الخصوص ولوصل إلينا، فعدم وصوله مع احتمال كون السلطة تخالف بنحو القطع يدل على أنّ الموقف هو الموقف تسهيلاً على اتباع مرسة أهل البيت عليهم السلام. نعم أخذ فقهاؤها المتأخرون يحتاطون قليلاً قليلاً ولكن نقول إنَّ هذا قد يؤدّي بالنفس إلى الهلكة وأهل البيت عليهم السلام لا يقبلون بذلك.
هل يمكن اجتماع السيرة المتشرعية والعقلائية معاً؟
قد يقال بمكان الاجتماع: - كما هو الحال في السيرة على العمل بخبر الثقة، فإنَّ العقلاء قد جرت سيرتهم على العمل به وكذلك جرت سيرة المتشرعة على العمل به أيضاً، فكلتا السيرتين قد انعقدتا على ذلك.
وقد يقال بعدم امكان الاجتماع: - أما أنَّ العقلاء عملوا بخبر الثقة فهذا واضح، وأما أنَّ المتشرعة عملوا بخبر الثقة فيمكن التشكيك فيه من باب احتمال أنهم عملوا به بما هم عقلاء وليس بما هم متشرعة، فصحيحٌ أنهم متشرعة ولكن يحتمل أنَّ حيثية عقلانيتهم هي التي دعتهم إلى العمل بخبر الثقة لا حيثية كونهم متشرعة، وهذه قضية وجيهة في كل موردٍ تجتمع فيه السيرتان.
حجية الظهور:
وقع الكلام هنا في ثلاث نقاط: -
النقطة الأولى: - اثبات أنَّ الظهور حجة في الجملة[1] .
النقطة الثانية: - الأقوال التي ذكرت في حجية الظهور.
النقطة الثالثة: - كيفية اثبات معاصرة السيرة لعصر المعصوم عليه السلام.
أما النقطة الأولى[2] :- فنقول إنَّ الذي يراد اثباته من حجية الظهور ليس هو الحجية بنحو القضية الكلية، فلس المراد أنَّ الأدلة الشرعية حجة في حق كل مكلف حتى البقّال مثلاً، وليس المقصود أيضاً أنها حجة في حق مثل المنطقي والفيلسوف، بل المراد أنها حجة في حق طلبة العلوم الدينية في الحوزة الشريفة الذين يعرفون كلام الكتاب الكريم والروايات الشريفة ومطلعون على نكات الكلام - وهم غير المبتدئين من الطلبة - فهؤلاء إذا فهموا من النص شيئاً فنقول هل ما استظهروه من النص حجة أو ليس بحجة؟، فالعارف بكلام العرب وكلام أهل البيت عليهم السلام هل فهمه للظهور حجة أو ليس بحجة؟