45/11/04
الموضوع: - هل يكفي في اثبات حجية السيرة العقلائية عدم احراز الردع عنها أو لابد من احراز الردع عنها؟
- كيف يثبت امضاء السيرة - مبجث الظن - الدليل العقلي.
هل يكفي في اثبات حجية السيرة العقلائية عدم احراز الردع عنها أو لابد من احراز عدم الردع عنها؟
إنَّ للسيرة العقلائية لها ثلاث حالات، فمرَّة نحزز ردع الشارع عنها وهذه السيرة لا تكون حجة جزماً، وأخرى نحرز عدم الردع عنها وهذه السيرة ممضاة جزماً، وأخرى لا نحرز الردع عنها وهنا نقول هل يكفي عدم احراز الردع في تحقق الامضاء والحجية لها أو لا يكفي ذلك؟
والجواب: - يظهر من الشيخ الاصفهاني(قده) كفاية عدم احراز الردع في ثبوت حجيتها، ووافقه عليه تلميذه الشيخ المظفر(قده) في أصوله، ونحن نذكر بيانين لهما في المقام: -
أما بيان للشيخ الاصفهاني(قده) فقال[1] :- إنَّ الامام عليه السلام له حيثيتان حيثية أنه مشرّع وحيثية أنه عاقل وسيد العقلاء، وحينئذٍ يمكن أن يقال إذا فرضنا أنَّ السيرة كانت عقلائية فيمكن أن نقول إنَّ الشارع بما عاقل وسيد العقلاء هو موافقٌ جزماً للعقلاء بعد فرض عدم وجود ردعٍ من قبله عنها، فالعقلاء حينما حكموا بكون الحيازة موجبة للملكية مثلاً فالشارع حيث إنه سيد العقلاء ورئيسهم ولم يردع عنها بما هو عاقل فحينئذٍ يلزم أن يكون موافقاً لهم والمفروض أنَّ العقلاء بما هم عقلاء قد حكموا بذلك فيلزم أن يكون الشارع بما هو عاقل موافقاً لهم في هذه السيرة فإنه سيد العقلاء وعقله اكمل من عقولهم فهو أجدر في أن يحكم بهذه السيرة التي حكم بها العقلاء فيثبت بذلك رضا الشارع بهذه السيرة بما هو عاقل، نعم يبقى أنه هل يرضى بها بما هو شارع أو لا ولكن نقول إنَّ احتمال مخالفته بما هو شارع لا يعتنى بها بعد الجزم بموافقته لهم - وعدم ردعه - بما هو عاقل.
ويظهر من الشيخ المظفر(قده) في اصوله تنبي ذلك أيضاً، قال: - ( فإن ثبت من الشارع الردع عن العمل بها فلا حجية فيها قطعاً وإن لم يثبت الردع منه فلابد أن يعلم اتحاده في المسلك معهم لأنه احد العقلاء بل رئيسهم فلو لم يرتضها ولم يتخذها مسلكاً له كسائر العقلاء لبيَّن ذلك )[2] .
ويرده: -
أولاً: - نحن نسأل ونقول هل يكفي موافقة الشارع للسيرة العقلائية بما هو عاقل بقطع النظر عن حيثية كونه شارعاً أو يلزم موافقته من كلتا الحيثيتين؟ فإن اختير الأول - كما فعل الشيخ الاصفهاني(قده) - فلازمه أنَّ الشارع لو خالف بما هو شارع فلا يؤثر ذلك على السيرة بل ستكون ممضاة رغم مخالفته لأنَّ المدار في امضائها هو على موافقته بما هو عاقل وهو بما هو عاقل لم يردع عنها فتكون مخالفته بما هو شارع ليست بضارة في الامضاء وهذا لا يمكن الالتزام به، وإن اختير الثاني فحينئذٍ يلزم احراز عدم ردعه بما هو شارع أيضاً ولا يكفي احراز عدم ردعه بما هو عاقل.
ثانياً: - إنَّ الموافقة لهم بما هو عاقل لا يكفي لإمضاء السيرة بل يلزم أن يمضيها بما هو شارع فإنَّ النافع للإمضاء هو الجنبة الشرعية لا العقلائية، وإدخال الجنبة العقلائية وغض النظر عن الجنبة الشرعية لا معنى له، بل لابد من جعل المدار على جنبة كونه شارعاً وليس على جنبة كونه عاقلاً فإنَّ المهم في الامضاء هو الجنبة الشرعية لا العقلائية.
ثالثاً: - إنه قال إنَّ الشارع هو سيد العقلاء فلابد وأن يكون هو السبّاق وفي الطليعة إلى ذلك، ولكن نقول: - لا يلزم أن يكون الشارع في طليعة العقلاء بل مقتضى كونه سيد العقلاء أن يكون احتمال التفاته إلى ما لم يلتفت إليه العقلاء موجودٌ فيخالفهم، فهم بما هم عقلاء قد حكموا بهذه السيرة ولكن الشارع قد لا يحكم بها لأنه سيد العقلاء وبما أنه سيد العقلاء فقد يلتفت إلى ما لم يلتفتوا إليه، وعليه فلا يمكن اثبات الامضاء.