الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/11/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الأجدر في اثبات وجود السيرة في زمن المعصوم عليه السلام - مبجث الظن - الدليل العقلي.

كيف يثبت الامضاء:

ذكرنا فيما سبق أنَّ السيرة إذا كانت معاصرة للإمام عليه السلام وكانت بمرأى ومسمع منه ورغم ذلك سكت عنها فسكوته يدل على امضائها.

والسؤال: - ما هو الوجه الفني لدلالة سكوت المعصوم عليه السلام على الامضاء، أو كيف يمكن استفادة الامضاء من السكوت؟

والجواب: - يمكن أن تذكر ثلاث بيانات لذلك: -

البيان الأول: - التمسك بفكرة النهي عن المنكر، فيقال إنَّ السيرة إذا كانت مخالفة للشرع فيلزم على المعصوم عليه السلام النهي عنها من باب أنها منكر وهو يجب عليه - كما يجب على جميع مسلمين - أن ينهى عن المنكر، فإذا سكت ولم ينهَ عنها دل ذلك على أنها ليست منكراً وبالتالي يثبت امضاؤها.

البيان الثاني: - التمسك بظاهر الحال، فيقال إنَّ ظاهر حال المعصوم عليه السلام أنه حافظ للشريعة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحينئذٍ إذا كانت السيرة مخالفة للشرع للزم أن يردع عنها من باب لزوم الردع عن المنكر بعد التسليم بكون ظاهر حاله أنه حافظ للشريعة.

البيان الثالث: - التمسك بفكرة لزوم نقض الغرض، فإنَّ الغرض من مقام الامامة ونصب الامام هو التحفّظ على الشريعة، فإذا سكت عن السيرة دلَّ ذلك على أنَّ متعلقها شيء مرضي عنده.

والفارق بين الوجه الثاني والثالث رغم أنَّ روحهما قد تكون واحدة هو اختلاف الطريق إلى تلك الروح، فإنَّ البيان الثاني مبني على التمسك بالظهور ويعتمد عليه - أي ظاهر حال الامام عليه السلام - وأما الوجه الثالث فهو مبني على القول بأنَّ الامام عليه السلام منصوبٌ للحفاظ على الشريعة فلو سكت للزم من ذلك نقض الغرض فالنكتة هنا اشبه بالنكتة العقلية وليست نكتةً استظهارية وتمسكاً بالظهور.

ويترتب على ما ذكرنا أنه بناءً على الوجه الأول يلزم توفر شروط النهي عن المنكر وهي وقوع الشيء بمرأى ومسمع من الامام عليه السلام حتى ينهى عنه إذا كان مخالفاً للشريعة وإلا فلا معنى للنهي عن المنكر فإن النهي عن المنكر فرع وقوع الفعل بمرأى ومسمع منه، والثاني أن يكون قادراً على النهي عن المنكر، والثالث احتمال التأثير، وأما على البيان الثاني والثالث فلا يلزم توفر هذه الشروط فإنَّها شروطُ لوجوب النهي عن المنكر وأما على الوجه الثاني والثالث فليس المورد مصداقاً للنهي عن المنكر.

وأما الفارق بين الوجه الثاني والثالث هو إنَّ الوجه الثاني يتمسك فيه بظاهر حال الامام عليه السلام في كونه حافظاً للشريعة وعليه فيلزم أن نضم إليه كبرى حجية الظهور حتى يتم هذا الوجه، وحينئذٍ إذا أردنا أن نتمسك بكبرى حجية الظهور فقد يقال بلزوم الدور، وهذا بخلافه على الوجه الثالث فإنه لا يلزم الدور.

أما بيان الدور في الوجه الثاني أنَّ يقال: - إنَّ الوجه في دلالة سكوت الامام عليه السلام على حجية السيرة هو التمسك بالظهور فإنَّ ظاهر حال الامام عليه السلام - بعد فرض كونه حافظاً للشريعة - عند سكوته عن هذه السيرة أنها مرضية ومقبولة عنده، ولكن حجية الظهور هي ثابتة بالسيرة ولا يوجد عندنا دليل آخر يثبتها، فلزم حينئذٍ اثبات السيرة من خلال السيرة وهو دورٌ. فإن قلت: - إنَّ كون الامام عليه السلام حافظاً للشريعة ليس ثابتاً بظهور الحال وإنما ثابت بالدليل القطعي؟ قلنا: - هذا صحيح ولكن هذا عودٌ إلى الوجه الثالث ونحن اشكالنا على الوجه الثاني الذي يتمسك بطاهر حال الامام عليه السلام فإنَّ ظاهر حاله في سكوته أنه قد أمضى هذه السيرة والحال أنَّ المدرك في اثبات حجية الظهور هو السيرة أيضاً فيلزم الدور، فإشكال الدور يأتي على الوجه الثاني ولا معنى للذهاب إلى الوجه الثالث.