الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/08/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الجواب الخامس عن شبهة اجتماع الحكمين المتماثلين أو الضدين والتعليق عليه - شبهات ابن قبة - النقطة الاولى ( هل يمكن أن يكون الظن حجة في نفسه ) - مبجث الظن - الدليل العقلي.

 

الجواب الخامس:- ما نقله السيد الحكيم(قده) في حقائق الأصول عن شيخه العراقي(قده) وأيده، وحاصله:- إنَّ الواجبات الشرعية من صلاة وصوم وما شكالهما تحتاج في وجودها إلى أمور ثلاثة، جعل الحكم - أي تشريعه -، وعلم المكلف به، وحدوث إرادةٍ لدى المكلف نحو فعل ذلك الشيء وإلا سوف لا يصدر ذلك الفعل منه، وإرادة المولى لوجود الواجب قد تتعلق من جهة بعض هذه المقدمات الثلاث لا جميعها كما إذا فرض وجود المصلحة في تشريع الحكم وليس في إيصاله إلى المكلف، وعلى هذا الأساس لأجل أن يوجد الفعل يلزم أن نفترض أنَّ إرادة المولى تتعلق بوجود الواجب من جميع هذه المقدمات الثلاث وإلا إذا فرض تعلقها ببعض هذه المقدمات دون الأخرى - كما إذ كانت توجد مصلحة في تشريعه وليس في ايصاله - ففي مثل هذه الحالة سوف يشرع المولى الحكم بوجوب الصلاة مثلاً وأيضاً يجعل الرخصة في تركه على تقدير الشك، فإذا شك المكلف في ثبوت هذا الحكم فسوف يجعل المولى له الرخصة في مخالفته ولا بأس بذلك، فمن جهة المولى هو يشرع الحكم ولكن حيث لا توجد مصلحة في ايصاله سوف يجعل الرخصة في تركه ولا منافاة بين المطلبين فإنَّ الإرادة تعلقت بالفعل من ناحية أصل الجعل والتشريع وأما الرخصة الظاهرية فقد صارت من جنبة الوصول فهو مرخص في الترك مادام لم يصل الجعل والتشريع إليه، فإذا كانت المصلحة من ناحية تشريع الحكم موجودة ومن ناحية إيصاله غير موجودة فسوف تثبت الاباحة من جنبة الايصال ويثبت الوجوب من الناحية التشريع، فالمولى يشرّع وجوب هذا الفعل – كالصلاة - ولكن المكلف مادام لا علم له بهذا التشريع فسوف تكون المصلحة في الرخصة فيجعل الشارع الرخصة في ترك ذلك الواجب ولا منافاة في البين لأنَّ تلك الإرادة الثابتة هي في مقام الجعل والتشريع وهذه الرخصة ثابتة في مرحلة الوصول، ونظير ذلك المركبات الحقيقية كالبيت المركب من جدران وسقف فإنه قد يفترض وجود المصلحة من كلا الناحيين - من ناحية بناء الجدران ومن ناحية بناء السقف - فيفعل الاثنين معاً، وقد تكون المصلحة من ناحية بناء الجدران فقط دون السقف فيبني الجدران ولا يبني السقف.

وفي التعليق نقول:- إنَّ الاشكال ليس من ناحية لزوم اجتماع حكمين متماثلين أو متضادين من تشريع الحكم الظاهري مع الحكم الواقعي حتى يحاول دفع ذلك من خلال تعدد الجهة - وأنه من جهة الواقع كحكم واقعي المصلحة موجودة في التشريع وأما على مستوى الايصال فلا توجد مصلحة فيجعل الاباحة في الترك - بل من ناحية أصل الحكم لا توجد مشكلة فإنَّ الحكم اعتبار ويمكن أن يقال إنَّ الاعتبار سهل المؤونة فيعتبر المولى هذا الحكم كما يعتبر ذاك الحكم وإنما المشكلة هي من جنبة الإرادة والكراهة التي هي أمر حقيقي تكويني؛ إذ بالتالي نسأل ونقول هل المولى يريد الوجوب الواقعي والاباحة الظاهرية معاً أو لا يريدهما معاً أو يريد أحدهما دون الآخر؟، فإن أرادهما معاً فسوف يلزم إرادة الضدين فإن الاباحة ضد للوجوب فعادت المشكلة، وإن لم تكن الارادة موجودة فيهما فلا حكم اصلاً، وإن كان احدهما فيه إرادة دون الآخر فالذي فيه الإرادة هو الحكم وأما الذي ليس فيه إرادة فليس بحكم أي لا يوجد حكمان وإنما يوجد حكم واحد، فالمشكلة إذاً هي من هذه الزاوية ولابد من حلها وما أفاده لم يحلها من هذه الزاوية.