45/08/20
الموضوع: - الجواب الثالث لاجتماع الحكمين لامتماثلين أو المتضادين والتعليق عليهة- شبهات ابن قبة - النقطة الاولى ( هل يمكن أن يكون الظن حجة في نفسه ) - مبجث الظن - الدليل العقلي.
نقول: - إذا كانت رتبة الحكم الظاهري متأخرة عن الحكم الواقعي فلا يمكن للحكم الواقعي أن يعم رتبة الحكم الظاهري وإلا صارت رتبة الحكم الواقعي متأخرة ومتقدمة، فإنه إذا كان الحكم الظاهري متأخراً عن رتبة الحكم الواقعي كيف يثبت الحكم الواقعي في رتبة الحكم الظاهري؟!! يعني صار ما كانت رتبته متقدمة - وهو الحكم الواقعي - متأخرة، فما ذكره غريب.
نعم يمكن أن يجتمعا في الزمان ولكن لا يمكن أن يكون الحكم الواقعي ثابت في رتبة الحكم الظاهري وإلا ما كانت رتبته متقدمة صارت متأخرة، فلا يصير خلط بين الزمان وبين الرتبة، فمن حيث الزمان صحيح أنَّ الحكم الواقعي ثابت في زمان الحكم الظاهري ولكنه ليس بثابت في رتبة الحكم الظاهري بل هو متقدم عليه رتبةً وإلا يلزم من ذلك ما كانت رتبته متقدمة أن تكون رتبته متأخرة، وعليه فما افاده الشيخ الانصاري(قده) يحتاج إلى جواب بعد أن أبطلنا جواب الشيخ الآخوند(قده).
وفي مقام حل اشكال الشيخ الأعظم(قده) نقول: - إنما يندفع الاشكال في اجتماع الحكم الظاهري مع الواقعي فيما إذا اختلف الزمان لا ما إذا كان الزمان واحداً واختلفت الرتبة فإنَّ النافع هو اختلاف الزمان لا اختلاف الرتبة، فإنه مع فرض وحدة الزمان يبقى الاشكال على حاله، فمثلاً السواد والبياض لا يمكن اجتماعهما في زمانٍ واحد، فإذا فرضنا أن رتبتهما مختلفة فهل يمكن اجتماعهما في زمان واحد؟ إنه لا يمكن ذلك بل مادام زمان البياض والسواد واحداً فالمشكلة باقية وإن اختلفت رتبتهما، وعليه فاختلاف رتبة الضدين لا يرفع مشكلة الاجتماع وإنما الذي يرفعها اختلاف الزمان، وعليه فما افاده مردود بما ذكرنا.
الجواب الثالث: - ما افاده الشيخ النائيني(قده)[1] حيث قال إنَّ الحكم الظاهري لا يطارد الحكم الواقعي ولا ينافيه فإنَّ الحكم الظاهري متفرع على الشك في الحكم الواقعي، فإذا شك في الحكم الواقعي وفرضنا في المرحلة السابقة وجود حكم واقعي نشك فيه فآنذاك يأتي دور الحكم الظاهري، فالحكم الظاهري فرع الشك في الحكم الواقعي ومادام هو فرع الشك في الحكم الواقعي كيف يطارد الحكم الواقعي والحال أنه متفرع عنه ومتولد منه فإنَّ الأحكام الظاهرية لا يمكن أن تطارد الاحكام الواقعية.
والجواب:- إنَّ المشكلة لا تكمن في المطاردة وأن أحدهما يطارد الآخر كما في ( صلّ ) و( أَزِل ) فإنهما لا يجتمعان وأحدهما يطارد الآخر فلا يمكن أن تجتمع الإزالة مع الصلاة وبالعكس وإنما المشكلة ناتجة من أنه يلزم من اجتماع الحكم الواقعي والظاهري اجتماع مصلحتين لأنَّ الحكم الظاهري فيه مصلحة والحكم الواقعي فيه مصلحة أيضاً فالمطاردة تكون من هذه الناحية، وإذا كانا متماثلين فمصلحة هذا تطارد مصلحة ذاك، وعلى هذا الأساس المطاردة هي من ناحية لزوم اجتماع المثلين أو اجتماع الضدين في شيءٍ واحد وذلك لا يرتفع بما أشار إليه من أنَّ الاحكام الظاهرية فرع الأحكام الواقعية بل بالتالي يلزم اجتماع مصلحتين أو مفسدتين في شيءٍ واحد وما ذكره من جوابٍ لا ينفع في دفع هذا الاشكال.