45/08/07
الموضوع: الظن بالثبوت والظن بالسقوط - النقطة الاولى ( هل يمكن أن يكون الظن حجة في نفسه ) - مبجث الظن - الدليل العقلي.
النقطة الثانية: - ما هو المقصود من كلمة الإمكان؟
إنَّ كلمة ( الإمكان ) تارة تستعمل في مقابل الاستحالة كأن نقول ( هل يمكن اجتماع النقيضين أو لا يمكن ذلك ) يعني هل يستحيل ذلك أو لا، فإن كان لا يستحيل فهذا معناه أنه ممكن وإن كان يستحيل فهذا معناه أنه غير ممكن، وتارة تستعمل بمعنى الاحتمال كقول القائل ( يمكن أن ينزل المطر في هذه الليلية ) أي يحتمل نزوله في هذه الليلة، والامكان بمعنى الاحتمال هو الذي جاء في العبارة المشهورة لابن سينا حيث قال:- ( كل ما طرق سمعك فذره في بقعة الإمكان ما لم يبد لك عنه واضح البرهان ) أي اجعله في بقعة الاحتمال وقل يحتمل وقوعه ولا تقل هو لن يقع جزماً.
ونحن نقول: - إنَّ كلمة ( الإمكان ) هنا يراد بها ما يقابل الاستحالة لا الاحتمال، فحينما نقول ( هل يمكن أن يكون الظن حجة في نفسه أو لا يمكن ) نقصد الإمكان هنا ما يقابل الاستحالة، يعني هل يمكن جعل الحجية للظن أو يستحيل ذلك، أما أنَّ نفسّره هنا بالاحتمال فلا معنى له فإنَّ الاحتمال من الأمور الوجدانية التي لا معنى للنزاع فيها من حيث النفي والاثبات، خلافاً لما صنع ابن قبه(قده) فإنه استدل ببعض الأدلة على كون المقصود من الإمكان هنا هو الاحتمال.
والغريب ما ذكره للسيد الخميني(قده) في تهذيب الأصول[1] :- حيث ذكر أنَّ الإمكان هنا هو بمعنى الاحتمال.
وما ذكره ليس هو المناسب: - لأنَّ الاحتمال من القضايا الوجدانية التي لا تقبل النزاع، وعليه فلابد وأن يكون المقصود منه هنا ما يقابل الاستحالة.
ثم إنَّ الإمكان الذي هو في مقابل الاستحالة تارةً يستعمل بمعنى الإمكان الذاتي وأخرى يستعمل بمعنى الإمكان الوقوعي، والمناسب في محل كلامنا - وأنه هل يمكن أن يكون الظن حجة أو لا - هو الإمكان الوقوعي لا الذاتي، لأنه لا تحتمل الاستحالة الذاتية لجعل الحجية للظن فإنَّ استحالته الذاتية غير محتملة حتى يأتي الطرف الآخر ويقول هل هو ممكن أو غير ممكن وإنما الكلام في الإمكان الوقوعي يعني هل دل الدليل على وقوعه أو لا، فالكلام هو في الإمكان الوقوعي وليس في الإمكان الذاتي.