الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - ما استدل به الشيخ العراقي على كون العلم الاجمالي منجز بذاته وبنحو العلية - النقطة الثانية ( هل العلم الاجمالي منجّز بذاته أو بسبب تعارض الأصول في اطرافه؟ ) – العلم الاجمالي - الدليل العقلي.

 

والجواب:- صحيحٌ يحتمل أنَّ الواقع هو هذا الطرف وعقلاً يجب الامتناع عنه أو ذاك الطرف ويجب الاجتناب عنه إلا أنَّ هذا الحكم معلّق على عدم وجود ترخيص شرعي فيه فإنَّ حكم العقل بلزوم الاجتناب تعليقي وليس نتجيزياً، فإذا كان من جعل الحرام هو الذي رجصنا فيه فحينئذٍ العقل يحكم بعدم المانع من ارتكابه، وعلى هذا يمكن لأصل البراءة أن يجري في أحد الطرفين والترخيص في أحدهما، وعليه فلا يثبت مسلك العلّية بهذا البيان.

البيان الثاني:- ما قد يذكر كتوجيهٍ لمسلك العلّية، وحاصله أن يقال:- نسلّم أنَّ العلم ينجز معلومه بنحو العلّية، فمن علم تفصيلاً بأنَّ هذا السائل خمر فلا يمكن أن يرخص الشارع في ارتكابه، وأما إذا علم بذلك اجمالاً فإن قلنا بتعلق العلم الاجمالي بالواقع فيحتمل أنَّ هذا الطرف هو الواقع فلا يمكن الترخيص فيه كما يحتمل أنَّ ذاك الطرف هو الواقع فلا يمكن الترخيص فيه أيضاً، وإن قلنا بتعلقه بالجامع فالأمر كذلك فإنه لا يجوز الترخيص في أحدهما أيضاً كعدم جواز الترخيص في أحدهما بناءً على تعلّق العلم الاجمالي بالواقع لعدم الفرق بينهما من هذه الناحية، وعلى هذا يكون العلم الاجمالي منجزاً بحو العلية أيضاً كتنجيز العلم التفصيلي.

ويرده:- إنه لابد من التمييز بين العلم التفصيلي والعلم الاجمالي، فالعلم التفصيلي حيث إنه لا يوجد خفاء في متعلّقه فالترخيص فيمَ يكون إذ الواقع معلومٌ بالخصوص؟!!، وأما إذا كان العلم اجمالياً فالمتعلق يوجد فيه نحوٌ من الخفاء ومشوب بالخفاء، فسواء قلنا بتعلق العلم الاجمالي بالواقع أو قلنا بتعلقه بالجامع لابد وأن نفترض وجود نحوٍ من الخفاء في متعلقه وإلا كان علماً تفصيلياً، وإذا كان يوجد فيه نحوٌ من الخفاء فيمكن أن يجعل الترخيص في أحد اطرافه بخلاف العلم التفصيلي.

وعلى هذا لا يمكن أن نخرج بقاعد عامة من أنَّ كل علمٍ ينجز معلومه بنحو العلّية، بل لابد من التفصيل بين العلم التفصيلي حيث ينجز معلومه بنحو العلية وبين العلم الاجمالي حيث ينجز معلومه بنحو الاقتضاء لوجود جنبه الخفاء في اطرافه.

وأشكل الشيخ النائيني(قده) على مسلك العلّية وقال:- إنَّ العلم الاجمالي ليس أقل شأناً من العلم التفصيلي، والعلم التفصيلي يقبل الترخيص بترك بعض أطرافه فيجوز فيه الترخيص في المخالفة الاحتمالية فيكون ذلك أولى في العلم الاجمالي، أما جواز الترخيص المخالفة الاحتمالية في العلم التفصيلي فمثاله ما لو صلى مكلف ثم شك بعد أن أتم صلاته أنه أتى بثلاث ركعات أو أربع فهنا يحكم على صحة صلاته لقاعدة الفراغ ولا نحكم بلزوم اعادة الصلاة والحال أنَّ علمه بوجوب الصلاة هو علم تفصيلي وأما في عالم الامتثال يكتفى بالموافقة الاحتمالية ولا تلزم الموافقة اليقينية وهذا يدل على أنَّ العلم التفصيلي يمكن الترخيص في مخالفته فيكون الترخيص في العلم الاجمالي أولى، وعليه فلا يكون العلم الاجمالي منجزاً لمعلومه بنحو العلّية.