45/07/30
الموضوع: - النقطة الثانية ( هل العلم الاجمالي منجّز بذاته أو بسبب تعارض الأصول في اطرافه؟ ) – العلم الاجمالي - الدليل العقلي.
أما الشيخ العراقي (قده) الذي قال بعدم إمكان جريان الأصل في طرفٍ واحد من اطراف العلم الإجمالي فقد مثل لذلك بمثال:- وهو ما لو كان لدينا اناءان أحدهما لا نعرف حالته السابقة هل هي الطهارة أو النجاسة بينما الاناء الثاني نعلم بطهارته السابقة ثم علمنا بوقوع نجاسة إما في الإناء الأول أو في الاناء الثاني ففي مثل هذه الحالة سوف تحصل معارضة بين أصل الطهارة في الاناء الأول المجهول حالته السابقة وبين استصحاب الطهارة في الاناء الثاني فإنَّ الاثنين مؤداهما هو الطهارة ونحن نعلم بكذب احدهما فيتعارضان ويتساقطان وبعد تساقطهما سوف يجري أصل آخر في أحد الطرفين وهو أصل الطهارة في الإناء الثاني الذي كانت حالته السابقة معلومة وقد سقط استصحابها بالمعارضة، فإنه بعد سقوط استصحاب الطهارة في الاناء الثاني سوف يتولد أصل جديد وهو أصل الطهارة فيه فإنَّ استصحاب الطهارة فيه كان حاكماً على أصل الطهارة فيه وبعد سقوط الأصل الحاكم يبقى الأصل المحكوم من دون معارض فيجري فيه، وهذا مثال لإمكان جريان الأصل في أحد طرفي العلم الإجمالي دون الآخر.
وقد سجل الشيخ العراقي(قده) هذا كنقضٍ على مسلك الاقتضاء، لأنَّ مسلك الاقتضاء يقول بإمكان جريان الأصل في أحد الطرفين بينما مسلك العلية يقول بعدم امكان جريان الاصل حتى في الطرف الواحد، وقال لهم إنه على مسلككم سوف تكون النتيجة هنا هي جريان أصل الطهارة في الاناء الثاني والحكم بطهارته وحينئذٍ يجوز تناوله وتكون الموافقة القطعية غير لازمة ومن البعيد أن يقال بجواز ارتكاب أحد الطرفين، فصحيحٌ أنَّ الصناعة تقتضي هذا ولكنها مخالفة للوجدان فإنه يوجد عندنا علم اجمالي بالنجاسة.
وقد يستدل على مسلك العلّية ببيانين: -
البيان الأول:- ما يظهر من الشيخ العراقي(قده) في نهاية الأفكار[1] ، وحاصله:- إنَّ الواقع المنجّز في العلم الإجمالي - وهو مثلاً نجاسة أحد الاناءين - يحتمل انطباقه على كلّ طرف من أطراف العلم الإجمالي وفي مثل هذه الحالة يحكم العقل بعدم امكان الترخيص في أحدهما لا في الطرف الأول لاحتمال أنه هو الذي ينطبق عليه الواقع المنجّز ولا على الطرف الثاني لاحتمال أنه هو الواقع المنجّز وبالتالي سوف تحتمل العقوبة والضرر في ارتكاب أيّ واحدِ منهما والعقل كما يحكم باستحالة الترخيص فيما يجزم فيه بالضرر كذلك يحكم باستحالة الترخيص فيما يحتمل فيه الضرر بعد فرض وجود العلم الإجمالي، فإنَّ قلت: - إنَّ هذا يجري في الشبهة البدوية أيضاً حيث يلزم أن لا يجوز الترخيص فيها لاحتمال أنَّ الشيء محرّم أو نجس؟ قلنا: - إنَّ الواقع لم يتنجّز في الشبهة البدوية لفرض عدم وجود العلم الإجمالي، وهذا بخلافه في مقامنا فإنَّ الواقع قد تنجّز بسبب العلم الإجمالي.