الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/07/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كلامان للشيخ الاصفهاني والسيد الخوئي - هل العلم الاجمالي يقتضي وجوب الموافقة القطعية أو لا؟ – العلم الاجمالي - الدليل العقلي.

وأما السيد الخوئي(قده)[1] :- فقد ذكر أنَّ المعروف بين الاصوليين أنَّ العلم الاجمالي هو الذي ينجّز التكليف، فإذا علمت بوجوب احدى الصلاتين ظهر يوم الجمعة إما الظهر أو الجمعة فهو ينجّزهما معاً ولكن يشكل عليه بإنَّ المنجّز للتكليف ليس هو العلم الاجمالي وإنما هو احتمال العقاب الناشئ من احتمال التكليف.

وللتوضيح أكثر نقول:- حينما نعلم بوجوب إحدى الصلاتين يوم الجمعة إما صلاة الظهر أو صلاة الجمعة فصحيح أننا نسلَّم بوجوب كلتا الصلاتين ولكن ليس لأجل منجزية العلم الاجمالي بل لأنَّ أصل البراءة عن الجمعة معارضٌ بأصل البراءة عن الظهر فيتساقطان ويبقى احتمال التكليف بصلاة الظهر ثابتاً كما يبقى احتمال التكليف بصلاة الجمعة ثابتاً أيضاً فيكون المنجز هو احتمال التكليف لا نفس العلم الاجمالي، نعم العلم الاجمالي بوجوب إما الظهر أو الجمعة صار سبباً لسقوط الأصلين ولكن وبعد سقوط الاصلين يصير احتمال التكليف بالظهر واحتمال التكليف بالجمعة هو المنجز وليس العلم الاجمالي.

وفي التعليق نقول:- إنَّ ما افاده وجيه وتام بناءً على تعلّق العلم الاجمالي بالواقع، وأماً بناءً على تعلقه بالجامع فلا يتم ما ذكر.

وتوضيحه:- إنه يوجد كلام في باب العلم الاجمالي وأنه حينما نعلم اجمالاً بأنَّ أحد الطرفين نجس فعلمنا هذا هل يتعلق بالجامع الذي هو احدهما الصادق على الطرف الأول والصادق على الطرف الثاني أو أنه يتعلق بالواقع غايته أنَّ هذا الواقع يحتمل انطبقاه على الطرف الأول كما يحتمل انطبقاه على الطرف الثاني؟، وما أفاده يتم بناءً على تعلق العلم الاجمالي بالواقع فإنه سوف يحتمل أنَّ الطرف الأول هو الواقع ويجب الاتيان به فيجري فيه أصل البراءة لنفيه، كما يحتمل أنَّ الطرف الثاني هو الواقع ويجب الاتيان به فيجري فيه أصل البراء لنفيه فيتعارض الاصلان ويتساقطان وبعد تساقطهما يعود احتمال انطبقاق ذلك الواقع على الطرف الأول موجوداً من دون نافٍ ينفيه كما يعود احتمال انطباق ذلك الواقع على الطرف الثاني من دون نافٍ ينفيه فيكون المنجّز هو الاحتمال وبهذا يتم ما ذكره، فإنَّ سقوط المؤمّنات هو الذي أوجب الموافقة القطعية لا ذات العلم الاجمالي وإنما ذات العلم الاجمالي أوجب تساقط الأصلين المؤمّنين وبعد تساقطهما يكون احتمال كون الواقع هو الطرف الأول أو كونه هو الطرف الثاني موجوداً فيجب تركهما معاً.

وأما إذا قلنا بتعلق العلم الاجمالي بالجامع - كما يبني عليه هو(قده) - ففي مثل هذه الحالة لا معنى لتعارض أصل بالبراءة في الطرف الأول مع أصل البراءة في الطرف الثاني، بل الجامع - وهو الأحد - يتنجز ابتداءً بالعلم الاجمالي حيث يحتمل أنَّ الأحد منطبق على الطرف الأول فيلزم تركه، كما يحتمل انطبقاه على الطرف الثاني فيلزم تركه أيضاً، وبهذا صار التنجيز بنفس العلم الاجمالي وليس باحتمال التكليف.


[1] مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي)، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص204.