45/07/12
الموضوع: - الكلام في مرحلة الوقوع - هل يمكن الترخيص في طرفي العلم الاجمالي؟ - هل العلم الاجمالي يقتضي وجوب الموافقة القطعية أو لا؟ – العلم الاجمالي - الدليل العقلي.
الكلام في مرحلة الوقوع:-
كل ما تقدم كان ناظراً إلى مرحلة الامكان وأنه هل يمكن عقلاً الترخيص في كلا طرفي العلم الاجمالي أو لا وقد قلنا بإمكان ذلك َّ التنافيعلى انحاء أربعة وقد دفعنا المافاة، بيد أنَّ هذا كله عقلاً، وأما في مرحلة الوقوع فهل هذا الترخيص في كلا الطرفين قد وقع فعلاً وثبت ونحكم به لا أنه مجرد امكان أو أنه لم يقع؟
الجواب:- إنه لم يقع، والوجه في ذلك إنه وإن أمكن الترخيص في كلا الانائين عقلاً إلا أنَّ العرف بنظره العرفي يرى التناقض بين العلم بحرمة أحد طرفي العلم الاجمالي - أو نجاسته - وبين الترخيص في جميع اطافه، فبالنظر العرفي يمكن أن يقال إنَّ دليل ( كل شيء لك حلال ) منصرف عن الشمول لجميع الاطراف للتناقض بالنظرة العرفية بين الترخيص في الجميع وبين العلم بنجاسة واحدٍ منها.
وعليه فالنتجية التي انتهينا إليها:- هي أنه يمكن الترخيص في جميع الاطراف عقلاً ولكن حيث إنَّ المحكّم في باب الادلة والروايات هو النظرة العرفية والعرف يرى التناقض بين الترخيص في جميع اطراف وبين العلم بنجاسة أو حرمة واحد منها فلا يمكن حينئذٍ الحكم بجريان الأصل في جميع الاطراف استناداً إلى هذه النظرة العرفية لأنها هي المحكّمة في فهم الادلة.
إن قلت:- إنه ورد في صحيحة عبد الله بن سنان جواز ارتكاب كلا الطرفين حيث قالت:- ( قال أبو عبد الله عليه السلام:- كل شيء فيه حرام وحلال فهو لك حلال أبداً حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه ) فهي تدل على أنَّ الاصول قابلية للجريان في الشبهة المحصورة فإنَّ الامام عليه السلام قال له ( حتى تعلم أنه حرام بعينه ) فالمدار على معرفة الحرام بعينه وهذا يتنافى مع ما انتهينا إليه بالنظرة العرفية
قلت:- إنَّ هذه الرواية إما أن تكون واردة في الشبهة البدوية أو تكون واردة في الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي ولكن غير المحصورة، أما ورودها في الشبهة المحصورة فهو أول الكلام.
إن قلت:- إنَّ هذا صحيح ولكن اطلاقها يشمل المحصورة أيضاً.
قلت:- إن التهافت العرفي بين العلم بحرمة واحدٍ من الاطراف وبين الترخيص في جميع الاطراف يجعل الرواية منصرفة عن الشبهة المحصورة، فنخرج الشبهة المحصورة منها لأجل هذه النكتة.
والنتيجة:- انه في الشبهة المحصورة الاصول الترخيصية قابلة للجريان في جميع الاطراف عقلاً إلا أنه بحسب النظرة العرفية لا يمكن ذلك وبالتالي لا يحكم الفقيه بجريان الاصول في جميع الاطراف في الشبهة المحصورة، وهي النتجية التي يقول بها بقية الفقهاء.