الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاقوال في منجزية العلم الاجمالي – العلم الاجمالي - الدليل العقلي.

وهنا يوجد بحثٌ في العلم الاجمالي :- وهو أنه هل العلم الاجمالي منجّز بنحو المقتضي لحرمة المختالفة القطعية أو هو منجّز لها بنحو العلة التامة، وتظهر الثمرة في أنه إذا قلنا بأنَّه منجز لحرمة المخالفة القطعية بنحو المقتضي فهذا يعني أنه منجّز لو لم يرخّص الشارع في المخالفة القطعية، وأما إذا قلنا أنَّ حرمة المخالفة القطعية ثابتة من دون تعليقٍ على إذن الشارع - فإن العقل يحكم بحرمة المخالفة القطعية للعلم الاجمالي من دون تعليق على حكم الشرع - فحينئذٍ يكون الحكم بالحجية بنحو العلة التامة.

وبعبارة اخرى:- بعد أن ذكرنا أنَّ كلا المبحثين - حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية - هما من شؤون القطع ولا معنى للتفكيك بينهما بأن يذكر احدهما في مبحث القطع والآخر يذكر في مبحث الاصول العملية فحينئذٍ نقول إن قلنا بأنَّ العلم الاجمالي منجّز لحرمة المخالفة القطعية بنحو العلّة التامة فحينئذٍ لا نحتاج إلى بحثٍ آخر في الاصول العملية لأنَّ العلم الاجمالي منجَّز لحرمة المخالفة القطعية بنحو العلة التامة فلا يمكن الحكم بالخلاف - يعني بعدم تنجيز حرمة المخالفة القطعية - وإن قلنا إنَّ حرمة المخالفة القطعية ثابتة للعلم الاجمالي بنحو المقتضي فهذا معناه أنَّ هذا التنجيز يتوقف على عدم ترخيص الشارع بالخلاف من خلال الأصول العملية.

والنتيجة النهائية:- بعدما يثبت أنَّ العلم الاجمالي منجّز لحرمة المخالفة القطعية فحينئذٍ يقال هل هو منجّز بنحو المقتضي أو هو منجز بنحو العلة التامة، فإن كان منجّزاً بنحو المقتضي فسوف نحتاج في الذهاب إلى مبحث الاصول العلمية لنرى أن الأصول هل تشمل الطرفين أو لا تشملهما، وإن قلنا هو منجّز بنحو العلّة التامة فلا نحتاج حينئذٍ إلى الذهاب إلى مبحث الاصول العملية. هذا بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية.

وأما بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعية:- فإن فرض ثبوت وجوب الموافقة القطعية بنحو المقتضي فهذا معناه أنَّ عدم الترخيص في الطرف الواحد موقوف على عدم شمول الاصل للطرف الواحد - وهو أنَّ الاصل يشمل الطرف الواحد أو لا يشمله - وهذا يرتبط بمبحث الاصول العملية حينئذٍ وأما هنا فنبحث أنَّ العلم الاجمالي هل ينجّز وجوب الموافقة القطعية أو لا، فيتجزأ عندنا البحث ففي مبحث العلم الاجمالي نبحث هل العلم الاجمالي يستلزم وجوب الموافقة القطعية بنحو العلّة التامة أو أنه يستلزمها بنحو المقتضي فإن قلنا إنه يستلزمها بنحو المقتضي - يعني يمكن الخلاف فيمكن أن يرفع الشارع يده عن حرمة المخالفة القطعية ويرخص في أحد الاطراف - فهذا البحث نرجئه إلى مبحث الاصول العملية ونرى هل لها القابلية في أن تشمل الطرف الواحد أو لا، وإن قلنا إنَّ العلم الاجمالي ينجَّز وجوب الموافقة القطعية بنحو العلّة التامة فلا تصل النوبة إلى البحث في الاصول العملية لأنَّ معنى التنجيز لوجوب الموافقة القطعية بنحو العلّة التامة - يعني أنه لا يمكن انفكاك وجوب الموافقة القطعية عن العلم الاجمالي - وعلى هذا الاساس لابد من تجزأة البحث كما بيّنا.

ويقع البحث أولاً عن حرمة المخالفة القطعية فهل العلم الاجمالي يقتضي حرمة المخالفة القطعية، ويقع ثانياً في وجوب الموافقة القطعية وهل العلم الاجمالي يقتضيها أو لا.

أما حرمة المخالفة القطعية:- فبناءً على انكار قاعدة قبح العقاب بلا بيان فسوف يصير احتمال التكليف منجّزاً فيكون كل طرف من أطراف العلم الاجمالي منجّزاً بالاحتمال، وأما بناءً على التسليم بهذه القاعدة فالطرف الأول لا بيان فيه فيجوز ارتكابه وكذلك الطرف الثاني لا بيان فيه فيجوز ارتكابه أيضاً رغم احتمال خمرية احدهما فيلزم من ذلك جواز المخالفة القطعية، وهذه مشكلة يوجهها منكر قاعدة قبح العقاب بلا بيان فكيف الجواب عنها؟