45/06/13
الموضوع: - الدليل العقلي.
أما النقطة الاولى:-
فينبغي أن يكون واضحاً أنَّ الردع عن القطع الحاصل من العقل غير ممكن وذلك لنفس نكتة عدم امكان الردع عن القطع الحاصل من النقل - الكتاب الكريم والسنّة الشريفة - حيث يلزم من جوازه التناقض، فإني إذا كنت قاطعاً بحكمٍ من الكتاب أو السنَّة الشريفين فإذا أُريِد الردع عن ذلك الحكم فسوف يلزم تحقق القطع بالمتنافيين، فأولاً أنا قاطع بالحكم من الكتاب والسنَّة بسبب الكتاب والسنّة فإذا أُريدَ الردع عن هذا القطع فسوف يحصل عندي قطعان قطعٌ بالردع وقطعٌ بثبوت الحكم فيكون قطعاً بالمتنافيين وهو غير ممكن، ونفس هذا البيان يأتي في القطع الحاصل من مقدمات عقلية، فإنه إذا أريد النهي عن القطع الحاصل من العقل فيقال إذا حصل القطع بسبب مقدمات عقلية بأنَّ الكل أكبر من الجزء مثلاً فكيف يُردَع عن هذا القطع فإنَّ لازمه أنَّ الكل ليس أكبر من الجزء وهذا قطع بالمتنافيين وهو ليس بممكن.
بيد أنَّ الشيخ النائيني(قده)[1] ذهب إلى امكان الردع من خلال الاستعانة بفكرة متمم الجعل فقال:- يمكن أن يصل الشارع إلى الردع عن القطع الحاصل من مقدمات عقلية من خلال فكرة متمم الجعل وذلك بأن يجعل أولاً جعلاً مهملاً ثم يجعل جعلاً ثانياً مشروطاً بحصول العلم بالجعل الاول من طريق الشرع دون العقل.
ونحن نساعدده ونقول:- إنَّ ما ذكره إن تم وقُبِل يمكن تتميمه من خلال حكمٍ واحدٍ ولا حاجة إلى فكرة متمم الجعل، وذلك بأن تؤخذ فعلية الحكم مشروطة بالعلم بالجعل من طريق الشرع لا من طريق العقل، فإنَّ كل حكم يمر بمرحلتين مرحلة جعلٍ ومرحلة فعلية، فتؤخذ فعلية الحكم مقيدةً بعدم العلم بالجعل من خلال العقل.
وفي التعليق على ما ذكره نقول:- إما أنَّ نفترض أنَّ المكلف لم يحصل عنده قطع بالحكم الاول من خلال العقل والمقدمات العقلية أو أنه يحصل له القطع من خلالها، فإن لم يحصل له قطع فلا كلام لنا هنا، لأنَّ كلامنا هو في القطع الحاصل من العقل والمفروض أنَّ القطع لم يحصل هنا فيكون هذا المورد خارجاً عن محل كلامنا، وإن حصل له قطع بالحكم الأول فمع حصوله كيف يردع المولى عنه فإنَّ لازمه هو القطع بثبوت الحكم والقطع بعدم ثبوته أيضاً وهذا قطعٌ بالمتناقضين؛ إذ أولاً أنا قطعت بالحكم فإذا اراد المولى أن يردع عن القطع الأول والمفروض أنَّ القطع الأول بعدُ موجودُ ولم يَزُل فسوف يلزم القطع بثبوت الحكم والقطع بعدم ثثبوته وهو قطع بالمتنافيين وهو مستحيل.