45/06/12
الموضوع: - الدليل العقلي.
الدليل العقلي:
ليس المقصود من الدليل العقلي هنا المعنى اللغوي وإنما هو مصطلح اصولي يختص بعلماء الاصول، والقصود منه هو ( كل حكم عقلي يستعان به للحصول على حكم شرعي )، من قبيل حكم العقل بقبح الكذب فإنه بضم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع يستنتج حرمة الكذب شرعاً، وهكذا الحال بالنسبة إلى حكم العقل بالملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته فإنَّ هذا حكم عقلي وبضمّه إلى وجوب الحج شرعاً على المستطيع يثبت من خلال ذلك حكم العقل بوجوب تهيئة مقدمات الحج، فإنَّ العقل يحكم - كما قلنا - في البداية بالملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدماته فإذا ثبت حكم الشرع بوجوب الحج فبضم الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدماته يثبت وجوب تهيئة المقدمات كجواز السفر وما شاكله.
وأما إذا فرض أنَّ الحكم العقلي لا يقع في طريق الحكم الشرعي فهذا خارج عن عنوان الدليل العقلي المذكور في علم الاصول، مثل ( الكل أكبر من الجزء ) فإنَّ هذا الحكم العقلي لا يستفاد منه حكم شرعي مهما ضممت إليه من مقدمات.
انحاء الدليل العقلي:- الدليل العقلي على نحوين:-
الأول:- أن يكون ظنياً.
الثاني:- أن يكون قطعياً.
فإن كان يفيد الظن فقد اتفقت مدرسة أهل البيت عليهم السلام على عدم حجيته، ولذلك قيل بعدم حجية الاستحسان والقياس فإنهما لا تفيدان إلا الظن، وأما إذا كان يفيد القطع فهل يكون حجة مطلقاً أو أنه حجة في حصة خاصة؟ ذهبت المدرسة الامامية الاصولية إلى أنّه حجة مطلقاً سواء حصل من مقدامات عقلية أو من مقدمات شرعية أو من ضم مقدمات عقلية إلى شرعية فإنَّ هذا لا يضر بل مادام قد حصل القطع فهو حجة، وأما المدرسة الاخبارية فقد نسب إليهم أنه لو ضمت مقدمة عقلية فالقطع الحاصل بعد ضمها لا يكون حجة، ولعله يأتي الكلام عن ذلك.
وقد اختلف فيما ينسب إليهم، فإنَّ المنسوب إليهم عدم حجية القطع الحاصل من ضم المقدمات العقلية ولكن هل نزاعهم كبروي أو أنه صغروي؟ يظهر من كلام الشيخ الخراساني(قده)[1] أنهم لا يقولون بكون القطع الحاصل من مقدمات عقلية ليس بحجة حتى يكون نزاعهم كبروياً بل يريدوا أن يقولوا إنَّ القطع لا يحصل من ضم المقدمات العقلية لا أنه لو حصل قطعٌ لا يكون حجة وعلى هذا سيكون نزاعهم صغروي، ولكن يظهر من بعض كلمات الاخباريين التي نقلها الشيخ الاعظم(قده) في رسائله أنَّ نزاعهم كبروي[2] .
وفي تحقيق هذا المطلب نقول:- إنَّ كون نزاعهم كبروي أو صغروي هو قضية جانبية ليست مهمة.
أقسام الاحكام العقلية:- تنقسم الاحكام العقلية على قسمين:-
القسم الاول:- ما يرتبط بجنبة العمل.
القسم الثاني:- ما لا يرتبط بجنبة العمل.
أما والاول:- فمصداقه حكم العقل بحسن الاشياء وقبحها، فإنَّ هذا حكم عقلي حيث يقول العقل يحسن الصدق ويقبح الكذب، وهو يرتبط بجنبة العمل، يعني فعل الكذب قبيح وفعل الصدق حسن، فالصدق ينبغي فعله يعني أنه حسن، والكذب لا ينبغي فعله يعني أنه قبيح.
وأما الثاني:- فمصاديقه كثيرة نقصر على ذكر ثلاثة منها:-
المصداق الاول:- ادراك العقل لملاكات الاحكام، فإنه إذا ادرك وجود مصلحة في شيءٍ معين فبضم قاعدة تبعية الاحكام الشرعية للمصالح والمفاسد سوف يُحكَم بوجوب ذلك الشيء الذي ادركت فيه المصلحة.
المصداق الثاني:- ادراك العقل الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدماته، فإنه بضم مقدمية السفر للحج يحكم العقل بوجوب المقدمة شرعاً أو عقلاً، وهذا لا يرتبط بجنة العمل فإنه يدرك الوجوب والوجوب ليس عملاً.
المصداق الثالث:- ادراك العقل لبعض انحاء الاستحالة والامكان، كإدراكه لاستحالة اجتماع النقيضين أو الضدين فإنَّ هذا لا يرتبط بجنبة العمل، وكإدراكه إمكان الخطاب الترتّبي فإن هذا أيضاً لا يرتبط بجنبة العمل.
وربما يصطلح على العقل الذي يرتبط جنبة العمل بالعقل العملي ويصطلح على العقل الذي لا يرتبط بجنبة العمل بالعقل النظري.
هذه لمحة موجزة عن الدليل العقلي.
ويقع كلامنا في عنوان الدليل العقلي ضمن ثلاث نقاط-
النقطة الاولى:- هل يمكن الردع عن القطع الحاصل من مقدّمات عقلية أو لا يمكن ذلك؟
النقطة الثانية:- ما هي مستندات الاخباريين في عدم حجية القطع الحاصل من مقدمات عقلية.
النقطة الثالثة:- الكلام عن مسألة الحسن والقبح العقليين.