45/05/26
الموضوع: - القسم الثاني والثالث من القطع ( القطع الموضوعي الطريقي والقطع الموضوعي الصفتي ) - اقسام القطع - حجية القطع.
وناقش الشيخ النائيني استاذه الشيخ الخراساني وقال:- إنَّ اجتماع اللحاظين إنما يلزم بناءً على القول بمسلك التنزيل - فحجية الامارة تعني تنزيلها منزلة القطع - وأما بناءً مسلك الاعتبار[1] - أي أنَّ المولى يعتبر الامارة علماً - فلا يلزم هذا المحذور.
وقبل أن ندخل في صلب الموضوع لا بأس أن نبين الفارق الواقعي بين مسلك التنزيل ومسلك الاعتبار:-
وفي هذا المجال نقول قد بين الشيخ النائيني(قده) ذلك، فإنه على مسلك التنزيل حينما تنزل الامارة منزلة القطع يكون الملحوظ في مقام التنزيل هو الأثر، يعني أني نزلت هذا الشيء منزلة ذاك بلحاظ الأثر فالتنزيل يكون بلحاظ الاثر، فإذا شككنا في أنَّ هذا التنزيل هو بلحاظ بعض الآثار أو بلحاظ جميعها فحينئذٍ نتمسك باطلاق التنزيل وتثبت جميع الآثار، فالامارة حينما نزلت منزلة القطع فهذا يعني أنها نزّلت في الأثر المترتب عليهما، فإذا كان الاثر متعدداً وشككنا في أنها نزّلت بلحاظ أي أثر منها فهنا نتمسك بإطلاق التنزيل فيثتب أنها منزلة بلحاظ جيمع الاثار.
وأما بناءً على مسلك الاعتبار فهنا النظر لا يكون متوجهاً إلى الآثار ابتداءً، فالمولى حينما يعتبر خبر الثقة علماً فالمنظور إليه ابتداءً ليس هو الآثار وإنما هو جعل الخبر فرداً من أفراد العلم اعتباراً، فهو ليس بعلمٍ حقيقة وإنما المعتبِر يعتبره علماً، وحيث إنَّ هذا الاعتبار من دون ملاحظة الأثر فسوف يكون لغواً فإنَّ اعتبار الامارة علماً بقطع النظر عن الأثر هو لغوٌ وعيله فلابد وأن يكون اعتبارها علماً بلحاظ الأثر، ولكن هنا لا يجوز التمسك بالاطلاق لاثبات أنَّ الاعتبار هو بلحاظ جميع الآثار فإنَّ النظر في الاعتبار هنا ليس متمركزاً على الأثر حتى نتمسك بالاطلاق بلحاظ الأثر وإنما هذا يتم بناءً على مسلك التنزيل، فعلى مسلك التنزيل قد نزّلت الامارة منزلة العلم يعني بلحاظ الأثر فإذا شككنا بلحاظ هذا الأثر أو الأثر الثاني أو الثالث ولم يقيد المنزِّل تنزيله بلحاظ أثرٍ معين فحينئذٍ نتمسك بالاطلاق بلحاظ الآثار فتترتب جميع الآثار، وأما على مسلك الاعتبار فحينما تعتبر الامارة علماً فلأجل دفع اللغوية في هذا الاعتبار نقول لابد وأن يكون هذا الاعتبار لأجل ترتب الآثار لا أنَّ الاعتبار ابتداءً كان بلحاظ الاثار وإنما نظر المعتبر ابتداءً هو أنه اعتبر الامارة فرداً من أفراد العلم ولكن لابد من وجود لحاظ الاثر وإلا كان هذا الاعتبار لغوا، وحينئذٍ سوف يثبت القدر المتقين من الآثار وينفى الزائد ولا يجوز التمسك باطلاق الأثر هنا.
والشيخ الخراساني(قده) قال إنَّ عملية تنزيل الامارة منزلة القطع يلزم أن تكون بلحاظ جميع الآثار إنما تكون كذلك فيما لو بنينا على فكرة التنزيل، ولكن نحن لا نبني على ذلك وإنما نبني على فكرة الاعتبار وبناءً عليها لا يلزم ملاحظة جميع الآثار.