الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/05/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القسم الثاني والثالث من القطع ( القطع الموضوعي الطريقي والقطع الموضوعي الصفتي ) - اقسام القطع - حجية القطع.

 

القسم الثاني والثالث من القطع:- وهما القطع الموضوعي الطريقي والقطع الموضوعي الصفتي، فما هو حكمهما؟

أما القطع الموضوعي الصفتي:- فلا اشكال في عدم قيام الامارة مقامه، لأنَّ القطع هنا قد أخذ بما هو صفة نفسانية، والامارة ليست كذلك فلا تقوم مقامه، وهذا شيء مفروغ عنه.

وأما القطع الموضوعي الطريقي:- فقد وقع الكلام في قيام الامارة مقامه أو لا وقد حصل خلاف في ذلك بين الشيخين الاعظم والنائيني(قده) من جهة والشيخ الخراساني(قده) من جهة أخرى.

أما العلمين النائيني[1] والأنصاري(قده)[2] :- فذهبا إلى إنَّ الامارة تقوم مقام القطع الموضوعي الطريقي، والوجه في ذلك واضح وهو أنَّ القطع قد أخذ في الموضوع - حسب الفرض - بما هو طريق، والأمارة قد جعلت طريقاً، فحينئذٍ تقوم مقام القطع الموضوعي الذي أخذ بما هو طريق.

وأما الشيخ الخراساني(قده)[3] :- فقد ذهب إلى عدم قيام الامارة مقام القطع الذي أخذ في الموضوع بما هو طريق، والوجه في ذلك هو أنَّ قيام شيء مقام شيء آخر هو عبارة عن عملية التنزيل - أي تنزيل ذلك الشيء منزلة هذا الشيء - فإذا أردنا أن ننزل الامارة مقام القطع المأخوذ في الموضوع بما هو طريق فهذا عبارة عن عملية تنزيل وحينئذٍ نحتاج إلى ملاحظة المنزَّل والمنزّل عليه، والمنزّل هو الامارة والمنزّل عليه هو القطع الموضوعي الطريقي، وحينئذٍ إذا أردنا أن ننزل الامارة منزلة القطع فلابد أن يقول دليل حجية الامارة هكذا:- ( الامارة بمنزلة القطع ) - أي القطع الموضوعي الطريقي - فالامارة إذا ارادت أن تقوم مقام القطع فحينئذٍ تصير عملية تنزيل وحينئذٍ نحتاج إلى ملاحظة المنزَّل والمنزَّل عليه ولكن اللحاظ في أحدهما آلي وفي الآخر استقلالي، وحيث لا يمكن الجمع بين النظر الآلي والنظر الاستقلالي فلابد وأن يكون التنزيل بلحاظ أحدهما فقط دون الآخر، وذلك الأحد هو تنزيل الخبر منزلة القطع في التنجيز فقط لا في قيامه مقام القطع الموضوعي الطريقي، وإلا إذا أردنا أن يكون النتزيل بلحاظ الطريقية المحضة وبلحاظ القطع الطريقي الموضوعي أيضاً يلزم أن يكون الخبر ملحوظاً بلحاظين استقلالي وآلي - إذا أردناه مرآةً إلى افراد الخبر - وهذا غير ممكن.

ويرد عليه:- إنَّ ما أفاده واضح التأمل وذلك:-

أولاً:- إنَّ هذا الكلام مبني على وجود دليل لفظي يقول مثلاً ( الامارة كالقطع ) فحينئذٍ نقول إذا كان التنزيل بلحاظ التنجيز والتعذير يصير النظر إلى الخبر بنحو الآلية وإذا كان بلحاظ تنزيله منزلة القطع الموضوعي الطريقي يلزم أن يكون النظر بنحو الاستقلالية، فكلامه يتم فيما إذا وجد عندنا دليل لفظي على حجية الخبر يدل على التنزيل ويقول نزلت الخبر منزلة القطع، ولكن لا يوجد مثل هكذا دليل، وإنما اقصى ما عندنا من دليل فهو السيرة وآية النبأ ومن هذا القبيل، والمهم من هذه الأدلة هو السيرة، وهي دليل لبّي وفي مثله لا توجد عملية التنزيل.

ثانياً:- لو سلّمنا أنَّ الدليل على حجية الخبر لفظي - من قبيل آية النبأ - ولكن نقول إنَّ هذا الدليل لا يشتمل على عملية تنزيل الخبر منزلة القطع حتى يقال إنَّ التنزيل في احدهما آلي وفي الآخر استقلالي ولا يمكن أن يجتمعاً، بل الأمر ليس كذلك، وعليه فلا يأتي ما ذ كره.

ثالثاً:- لو فرضنا وجود دليل لفظي يشتمل على عملية التنزيل ويقول: ( الأمارة كالقطع في جميع الاثار - أو من دون تعبير في جميع الآثار ) فحينئذٍ نقول لا مانع من ترتب آثار القطع المحض وآثار القطع الموضوعي الطريقي معاً على الامارة.


[1] اجود التقريرات، الخوئي، ج3، ص19.
[2] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج1، ص33.
[3] كفاية الأصول - ط آل البيت، الآخوند الخراساني، ج1، ص264.