الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/05/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تقسيم العلمان النائيني والخوئي لما ذكره الشيخ الأعظم من تقسيم القطع الموضوعي - اقسام القطع - حجية القطع.

 

وفي التعليق نقول:- إنه حينما نقول إنَّ القطع الذي أخذ في الموضوع قد أخذ بنحو الطريقية هل المقصود من أخذه في الموضوع بنحو الطريقية أنه أخذ بنحو الطريقية إلى الشيء الخارجي أو أنه أخذ بنحو الطريقية إلى الصورة الذهنية للشيء بوجوده الذهني؟ فإن أخذ بالنحو الاول فالأمر كما ذكره العمان، ولكن هذا الاحتمال باطل، بل الصحيح أنه يؤخذ بنحو الطرقية إلى الشيء بوجوده الذهني وصورته الذهنية، وإذا أخذ القطع الطريقي في الموضوع بنحو الطريقية إلى الشيء بوجوده الذهني فحينئذٍ لا محذور في أخذه في الموضوع بنحو تمام الموضوع كما لا محذور في أخذه فيه بنحو جزء الموضوع لأنه قد أخذ طريقاً إلى الصورة الذهنية وليس إلى الشي بوجوده الخارجي، فالصحيح أنه مأخوذ بنحو الطريقية إلى الشيء بوجوده الذهني، والوجه في ذلك هو أنَّ القطع صفة ذهنية نفسية وليست خارجية، ومادام موجوداً في الذهن فحينئذٍ يصح أن يؤخذ كطريق إلى الشيء بوجوده الذهني وإلى الواقع بوجوه الذهني وليس إلى الواقع بوجوده الخارجي فإنَّ الصورة الذهنية طريق إلى الشيء الذهني وليست طريقاً إلى الشيء الخارجي، وعليه فتبقى الاقسام أربعة التي ذكرها الشيخ الخراساني(قده ) على حالها من دون محذور وإنما يرد المحذور فيما لو فرض أنَّ القطع الموضوعي الطريقي الذي أخذ في الموضوع بنحو الطريقية قد أخذ بنحو الطريقية إلى الشيء الخارجي.

مطلبٌ جانبي:-

هل يوجد قطع قد أخذ في الموضوع بنحو الصفتية - أي بما هو صفة لا بما هو طريق - في الأمور الشرعية أو أنَّ هذا مجرد بحث عن امكان ذلك وأما وقوعاً فليس بحاصل؟

الجواب:- يمكن أن يشكل على ذلك فإنَّ الامثلة التي يمكن أن تذكر له قابلة للتأمل في كونها أمثلة للقطع الموضوعي الصفتي، وإنما القطع المأخوذ في الموضوع هو عادةً يؤخذ بما هو طريق لا بما هو صفة.

ومن الامثلة التي ذكرت لذلك:-

المثال الاول:- باب الشهادة، فإنه يعتبر في باب الشهادة العلم بالمشهود به - أي القطع به -، فقد ورد في صحيحة معاوية بن وهب:- ( اشهد بما هو علمك )[1] ، أي بما هو قطع، فهذه الرواية تدل على أنه في جواز الشهادة قد أخذ القطع في موضوع جواز الشهادة بنحو الصفتية، يعني يلزم أن يكون اليقين والقطع موجوداً في النفس فآنذاك تجوز الشهادة، فموضوع جواز الشهادة هو القطع بالمشهود به.

وورد في رواية علي بن غراب عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( لا تشهد بشهادة حتى تعرفها كما تعرف كفك )[2] ، يعني لابد وأن تعرف المشهود به أي لابد وأن تقطع به، وهذا قطعٌ بنحو الصفتية قد أخذ في موضوع جواز الشهادة.

وأيضاً ما ما ذكره المحقق(قده) في الشرائع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد سئل عن الشهادة:- ( قال:- هل ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد أو دع )[3] ، أي لابد وأن يكون المشهود عندك مقطوع به كما ترى الشمس.

وعليه فمقتضى هذه الروايات أنَّ القطع بما هو صفة نفسانية مأخوذ في موضوع جواز الشهادة، وهذا قطع موضوعي قد أخذ في الموضوع بنحو الصفتية.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج27، ص336، أبواب الشهادات، باب18، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج27، ص341، أبواب الشهادات، باب30، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج27، ص342، أبواب الشهادات، باب2، ح3، ط آل البيت.