45/05/17
الموضوع: - تعقيب وتوضيح - اقسام القطع - حجية القطع.
ذكرنا فيما تقدم أنَّ الشيخ الاعظم(قده) قسم القطع الموضوعي إلى طريقي وصفتي، كما قسّم الشيخ الخراساني(قده) القطع الصفتي المأخوذ في الموضوع إلى جزء الموضوع وإلى تمام الموضوع، وكذلك قسم القطع المأخوذ بما هو طريق في الموضوع إلى تمام الموضوع وجزء الموضوع.
وقد اثرنا اشكالاً على تقسيم الشيخ الاعظم(قده) وقلنا:- إنَّ القطع لا يمكن ملاحظته بما هو صفة من دون ملاحظة طريقيته إلى الواقع فإنَّ المقوّم للقطع هو طريقيته إلى الواقع فإذا لم تلحظ الطريقية فلا يمكن أن يكون القطع الصفتي قطعاً فإنَّ صفة القطع لا يمكن أن تكون قطعاً إذ المقوم لصفة القطع هو الطريقية.
والشيخ الأعظم(قده) لم يتعرض إلى هذا الاشكال ولا إلى جوابه وإنما ذكر التقسيم ولم يذكر اكثر من ذلك.
ونحن صرنا في صدد دفع هذا الاشكال عن الشيخ الاعظم(قده) وقلنا:- إنَّ القطع يمكن أن يلحظ بملاحظتين، الاولى: إنه كاشف عن الواقع بدرجة مائة بالمائة، فهو طريق بدرجة مائة بالمائة وإلا لو كان كشفه أقل من مائة بالمائة لصار ظناً وليس قطعاً، فالقطع أولاً يتصف بأنه طريق إلى الواقع بدرجة مائة بمائة، والثانية: إنه صفة في النفس ويمثّل حالة الاستقرار والسكون لها، وذلك مثل ما هو موجود في قلوبنا تجاه يوم القيامة حيث يوجد عندنا قطع بوجود يوم القيامة وهذا موجود عندنا بشكل تكون النفس ساكنة إليه ومطمئنة به وغير متزلزلة وهو واضح عندنا كوضوح الشمس.
فالقطع إذاً له صفتتان صفة الطريقية مائة بالمائة إلى الواقع وصفة أنه يمثل الثبات والاستقرار للنفس بالشيء، وحينئذٍ نقول في الدفاع عن الشيخ الاعظم(قده):- إنَّ القطع المأخوذ في الموضوع تارةً يلحظ بما هو طريق إلى الواقع مائة بالمائة فيصير حينئذٍ قطع موضوعي طريقي - لأنه أخذ في موضوع الحكم بما هو طريق إلى الواقع - وأخرى يؤخذ بما هو صفة نفسية - أي صفة الاستقرار مائة بالمائة - فإن أخذ بما هو طريق فحينئذٍ يمكن أن يقال إنَّ سائر الطرق تقوم مقام القطع لأنه لوحظ بما هو طريق، وأما إذا أخذ بما صفة نفسانية فحينئذٍ لا يقوم غيره مقامه.
فإذاً تصورنا كيف ينقسم القطع الموضوعي إلى صفتي وطريقي، والطريقي واضح وهو فيما إذا فرض أنَّ القطع هو كاشف مائة بالمائة، فإذا اخذناه بما هو كاشف مائة بالمائة فحينئذٍ يصير قطعاً طريقياً مائة بالمائة وكاشفاً مائة بالمائة ولا يقوم مقامه الظن والامارات لأنه لوحظ بما هو كاشف مائة بالمائة، وأما إذا لوحظ بما هو صفة نفسانية توجب ثبات النفس وعدم تزلزلها فيصير المورد هنا قطعاً أيضاً، فإذا أخذ في الموضوع يصير القطع مأخوذاً في الموضوع بما هو صفة نفسانية يعني بما هو صفة الثبات وعدم التزلزل وحينئذٍ لا يقوم مقامه غيره، وعليه فتقسيم القطع الموضوعي إلى صفتي وطريقي لا اشكال فيه.
وحاصل الاشكال الذي وجهه العلمان على الشيخ الخراساني(قده):- هو أنَّ القطع الموضوعي الطريقي لا يمكن أخذه بنحو تمام الموضوع؛ إذ لو اخذ بنحو تمام الموضوع فهذا يعني أنَّ الواقع لا مدخلية له وإنما القطع فقط هو الذي يصير تمام الموضوع، ومعه يكون تقسيم القطع الموضوعي الذي أخذ فيه القطع بما هو طريق إلى تمام الموضوع وجزء الموضوع غير صحيح، بل لا يمكن أن يؤخذ بنحو تمام الموضوع؛ لأنه إذا اخذ بنحو تمام الموضوع فهذا يعني أنَّ الواقع ليس له مدخلية وبالتالي لا يكون هذا القطع قطعاً طريقياً فإنه غير ممكن لأنه طريقٌ إلى ماذا فإنه لا يوجد واقع حتى يكون طريقاً إليه؟!!
فالعلمان سلّما للشيخ الخراساني(قده) بتقسيم القطع الموضوعي الصفتي إلى صفتي بنحو تمام الموضوع وصفتي بنحو جزء الموضوع، أما القطع المأخوذ في الموضوع بنحو الطريقية فيمكن أن يؤخذ بنحو الطريقية بنحو جزء الموضوع والجزء الثاني للموضوع يكون هو الواقع ولا يمكن أن يؤخذ تمام الموضوع إذ لازمه أنَّ الواقع لا مدخلية له.