الموضوع: اقسام القطع - حجية القطع
التوجيه الثاني لما ذكره الشيخ الاعظم(قده):- ما ربما يلوح من بعض عبارات صاحب الكفاية(قده)، وحاصله: إنَّ في القطع جنبتين، جنبة الصفية وجنبة الطريقية، فإن لوحظت الاولى واخذت في الموضوع كان القطع موضوعياً صفتياً، وإن لوحظت الثانية كان القطع موضوعيا ًطريقياً، قال:-
( إنَّ القطع لما كان من الصفات الحقيقية ذات الاضافة ... صح أن يؤخذ بما هو صفة خاصة وحالة خاصة بإلغاء جهة كشفه ... كما صح أن يؤخذ بما هو كاشف )[1]
.
والجواب عنه واضح وقد تقدم من خلال ما أشرنا إليه وهو أن يقال:- إنه إذا لم تلحظ جنبة الطريقية ولوحظت جنبة الصفتية فقط فهذا يمكن أن يشكك في كونه قطعاً بل يجزم بعدم كونه قطعاً فإنَّ الطريقية لازمٌ ذاتي للقطع، فلا يمكن أن نقول توجد للقطع جنبتان صفتية وطريقية فإنَّ لازم هذا أنه إذا لوحظت جنبة الصفتية فقط فهو باقٍ على كونه قطعاً وحينئذٍ يمكن أن يلحظ بما هو صفة من دون جنبة الطريقيةن ولكن هذا ليس بصحيح، بل إذا غضننا النظر عن جنبة الطريقية واقتصرنا على جنبة الصفتية فلا يكون هذا قطعاً فإنَّ القطع والعلم معناه أنَّ الشيء يرُى من خلاله، فأنا اعلم بكذا واقطع بكذا، فيوجد متعلق للقطع، وعليه فلابد وأن يلحظ القطع طريقاً إلى الشيء وإلا لا يكون قطعاً وعلماً أصلاً.
التوجيه الثالث لما ذكره الشيخ الاعظم(قده):- ما ذكره بعض من شرح الكفاية، وحاصله: إنَّ القطع قد يؤخذ بما هو كاشف اعلائي بحيث بلغ الدرجة القصوى والعليا في كاشفيته، واخرى يلحظ بما هو كاشفٌ بقطع النظر عن شدَّة كاشفيته واعلائيتها، فإن لوحظ بما هو كاشف اعلائي فهو قطعٌ صفتي، وإن لوحظ بما هو كاشف بقطع النظر عن شدَّة واعلائية كشفه فهذا قطعٌ طريقي.
أولاً:- إذا لم تكن كاشفية القطع اعلائية وتامة - بدرجة مائة بالمائة - وكانت بدرجة ثمانين بالمائة مثلاً فهذا ظنٌّ وليس بقطع أصلاً، وعليه فلا معنى لما ذكره.
ثانياً:- إنَّ لازم أخذ القطع بالنحو الثاني - يعني لا بما هو كاشف اعلائي والذي سماه قطعاً طريقياً - قيام الظن مقام القطع، لأنَّ الظن فيه كاشفية ليست اعلائية كثمانين بالمائية مثلاً فيلزم أن يكون قائماً مقام القطع، أو بالاحرى إنَّ ما ذكره هو ظنٌّ أو يلزم أن يقوم الظن مقام القطع.
والأجدر في توجيه ما ذكره الشيخ الاعظم(قده) من تقسيم القطع أن يقال:- يوجد في القطع صفتان، الاولى أنه كاشف بدرجة تامة مائة بالمائة، والثانية إنه موجب لاستقرار النفس وراحتها - لأنه يوجد وضوح فتستقر النفس لأجله - وهذان للازمان ليسا قابلين للانكار، وحينئذٍ نقول: إذا أخذ القطع في موضوع الحكم بلحاظ كونه كاشفاً تاماً فحينئذٍ يكون هذا القطع موضوعياً طريقياً، يعني اخذ في الموضوع بما هو كاشف تام وبما هو طريق إلى الواقع، فهو في الموضوع أخذ قطعاً موضوعياً وبما أنه كاشف تام - مائة بالمائة - فقد أخذ بما هو طريق، وأما إذا أخذ في موضوع الحكم بما أنه يوجب استقرار النفس وراحتها فهو قطعٌ موضوعي صفتي، فهو موضوعي لأنه أخذ في الموضوع وصفتي لأنه لوحظ بما أنه يوجب استقرار النفس وراحتها.