الموضوع: - اقسام القطع - حجية القطع.
وفي التعليق نقول:- إنَّ كلا الوجهين اللذين ذكرهما الشيخ الخراساني(قده) قابلان للمناقشة:-
أما الوجه الاول:- فإنه قال إنَّ العلم نورٌ في نفسه نورٌ لغيره، ونحن نقول:- إنَّ هذا صحيح ولكن لا يمكن أن ينفك النور الثاني عن النور الأول، فإنَّ ذلك نظير أن يقول شخص أنا أعلم بشيءٍ ولو سألناه ما هو ذلك الشيء فيقول لا أدري، فإنه مادام لا يدري ما هو الشيء المعلوم فهذا يعني أنه لا يوجد عنده علم أصلاً وهذا من الواضحات، فلا يمكن أن يتصور وجود علمٌ من دون معلومٍ، وعليه فما أفاده واضح الاشكال.
وإن شئت قلت:- لا يوجد نوران في العلم كما ذكر بل يوجد نورٌ واحد، فهو نورٌ بنفسه وهو في نفس الوقت يرينا الغير، وإذا كان نوراً واحداً فلا يمكن أن نتصوره من دون متعلَّق فإنَّ تصوره من دون متعلق مستحيل.
وأما الوجه الثاني:- فإنه قال إنَّ العلم من الصفات ذات الاضافة فإذا لوحظ بقطع النظر عن الاضافة لمتعلقه كان صفتياً وإن لوحظ بالاضافة إلى متعلقه صار طريقياً، ونحن نقول:- صحيح أنَّ العلم من ذوات الاضافة ولكن المضاف إليه هل هو الشيء بوجوده الذهني العلمي أو بوجوده الخارجي؟ فإنَّ كان المقصود هو الثاني - يعني مثلاً أنا علم بأن زيداً جاء من السفر وخرج من الطائرة بحيث اعلم بوجوده الخارجي وخروجه الخارجي من الطائرة - فهنا يمكن أن ينفك العلم عن المعلوم ولذلك يتصف العلم بأنه مخطئ ومصيب باعتبار المتعلق الخارجي إن كان متحققاً كان العلم مصيباً وإن لم يكن متحققاً كان العلم مخطئاً فيمكن أن يكون نظري ضعيفاً فتصورت أنَّ زيداً جاء فحصل لي علمٌ ولكن من دون معلوم خارجي وهذا صحيح، وإن كان المقصود هو الاول فلا يمكن أن ينفك العلم عن المعلوم وإلا صار العلم من دون معلوم وهو مستحيل، كأن يقول شخص أنا أعلم بلا أدري فإنَّ هذا غير ممكن ومستحيل، وحيث إنَّ الصحيح هو أنَّ متعلَّق العلم هو الشيء بوجوده الذهني وليس بوجوده الخارجي، لأنه لو كان متعلق العلم هو الوجود الخارجي للزم دخول الخارج في الذهن - فلو علمت مثلاً بأنَّ زيداً موجود فلازمه أن يدخل زيد بوجوده الخارجي في الذهن - أو خروج العلم إلى الخارج وكلاهما مستحيل؛ إذ العلم أمرٌ ذهني لا يتعلق إلا بالصورة الذهنية للمعلوم ولا يتعلق بالشيء الخارجي فإنَّ الشيء الخارجي معلومٌ بالعرض وليس هو المعلوم بالذات، وعليه فتكون هذه المحاولة واضحة الوهن أيضاً.