45/05/05
الموضوع: كلام السيد الخميني(قده) في عدم استحقاق المتجري العقوبة -كلام في تطبيق قاعدة الملازمة - مبحث التجري - حجية القطع.
فنحن إذا اردنا أن نقول بأنَّ المتجري يستحق العقوبة فنقول يوجد ملاك واحد وهو مخالفة العلم، فخطاب ( أيها العالم بكون الشيء خمراً اترك الخمر ولا تخالف علمك ) هو عام يشمل العالم الذي يكون علمه مصيباً ويشمل أيضاً العالم الذي يكون علمه مخطئاً، وحينئذٍ إذا خالف العاصي الخطاب فسوف يستحق العقوبة، وإذا خالف المتجري الخطاب فهو يستحق العقوبة أيضاً، فالملاك واحد وهو مخالفة العلم بكون الشيء معصية، فنحن لا نحتاج إلى الملاك الذي اضافه السيد الخميني(قده) - وهو ارتكاب المعصية الواقعية - وإنما يكفي الملاك الأول فقط - وهو مخالفة العلم بكون الشيء حراماً - فإنَّ هذا الملاك وحده يعم العاصي والمتجري معاً ويثبت بذلك عقاب واحد على العاصي وعقاب واحد على المتجري.
بعد أن اتضح أنَّ المتجري يستحق العقوبة نسأل نقول:- هل العقوبة تثبت على ارتكاب الفعل الخارجي - كشرب ما اعتقد بكونه خمراً مثلاً وهو في الواقع ماء - أو على قصد المخالفة وقصد ارتكاب الحرام بنظره؟
فإن قلت:- إنَّ القصد أمر غير اختياري فكيف يثبت عليه العقاب؟
قلنا:- إنَّ العقاب لازمٌ قهري للبعد عن المولى الحاصل بسبب التجرّي، والتجري سببه خبث الباطن وسوء السريرة الذي هو أمرٌ ذاتي، وإذا كان أمراً ذاتياً -كزوجية الأربعة - فلا تقل لماذا اختار العاصي والمتجري المعصية والتجري ولم يخترها المتقي، لأنَّ النتيجة انتهت إلى أمرٍ ذاتي.
قلنا:- ذلك لأجل أن لا يكون للناس حجة على الله تعالى، بل تكون له الحجة عليهم، ولأجل أن ينتفع من طابت نفسه من ذلك.