الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/04/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - شبهة وجوابها -كلام في تطبيق قاعدة الملازمة - مبحث التجري - حجية القطع.

شبهة وجوابها:-

أما الشبهة:- فحاصلها أن يقال: إذا قلنا بأنَّ المتجري يعفى عن تجرّيه - في غير الامور الثلاثة - فهذا يلزم منه التشجيع على المعصية وهو قبيح عقلاً، ومن البعيد في حق الشريعة أن تشجع على التجري - في غير الأمور الثلاثة - فإنَّ الالتزام بهذا قد يكون صعباً؟

وقريب من هذا ما ورد في الآية الكريمة التي تقول:- ﴿ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنه سيئاتكم ﴾[1] ، وهذا ليس مرتبطاً بالتجري وإنما هو مرتبط بغير التجري - أي بارتكاب الصغائر من الذنوب - وعليه فسوف يلزم التشجيع على ارتكاب المعصية الصغيرة عند اجتناب الكبائر.

وفي الجواب نقول:-

أما بالنسبة إلى المورد الأول فيردّه:- إنَّ هذا الكلام وجيهٌ فيما إذا فرض أنَّ المورد الذي حصل فيه التجري كان مطابقاً ومصيباً للواقع، كما لو فرض أنَّ المكلف تخيل أنَّ هذا السائل خمر فتناوله، فهنا إذا تبين أنه خمر واقعاً وأريد العفو فهنا نسلّم بلزوم محذور التشجيع على المعصية، وأما إذا قلنا بأنَّ التجري المعفو عنه هو فيما إذا قصد المكلف المعصية ولم يكن قطعه مصيباً للواقع كأن تخيّل أنَّ هذا السائل خمر وقطع بذلك وتناوله ولكن تبين أنه ماء فالعفو في مثل هذه الحالة لا يلزم منه التشجيع على المعصية؛ إذ غاية ما يلزم هو التشجيع على شرب الماء، وأما إذا كان خمراً واقعاً فهذا ليس بتجرياً وإنما هو عصيانٌ والعفو عن العصيان يستلزم التشجيع على المعصية، وهذه قضية واضحة يجدر الالتفات إليها.

وأما بالنسبة إلى المورد الثاني فيرده:- إنه لا يلزم التشجيع على المعصية أيضاً بل الأمر بالعكس، فإنَّ هذا يستلزم التشجيع على الاطاعة، والوجه في ذلك هو أنَّ الاية الكريمة قالت:- ﴿ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنه سيئاتكم ﴾ فهي تقول نحن نكفّر عنكم سيئاتكم الصغيرة بشرط اجتنابكم الكبائر على طول الخط وإلى نهاية العمر، وهذا لا يلزم منه التشجيع على ارتكاب المحرمات بل يلزم منه التشجيع على ترك الكبائر إلى آخر العمر، ومن الذي يستطيع أن يحرز أنه سوف يجتبب الكبائر إلى آخر عمره ؟!، وعليه فلا يلزم من هذه الآية الكريمة التشجيع على فعل المعصية.


[1] السورة نساء، الأية 31.