الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الرأي الثالث ( نفي الضرورتين ضرورة الملازمة وضرورة عدم الملازمة )، كلام في تطبيق قاعدة الملازمة - مبحث التجري - حجية القطع.

ثالثاً: - إنَّ ما ذكره مخالف لرأيه الذي ذكره في هامش أجود التقريرات[1] ، حيث قال إنَّ الهدف من التكليف ليس هو التحريك حتى يختص بالقادرين وإنما الحكم هو عبارة عن اعتبار الفعل في ذمة المكلف، فالشارع يعتبر الفعل في ذمة المكلف والاعتبار كما يمكن أن يثبت على ذمة القادر يمكن اثباته على ذمة غير القادر، نعم القدرة شرط في وجوب الامتثال، وكأنه وقع خلطٌ بين نفس الحكم وبين الامتثال، فالحكم اعتبار لا يختص بالقادرين، بخلاف الامتثال فإنَّ وجوبه لا يثبت إلا في حق القادر.

الرأي الثالث: - لا توجد ملازمة من كلا الطرفين، فلا ملازمة في عالم الثبوت ولا ضرورة نفي الملازمة، فلا ضرورة الملازمة مسلّمة ولا ضرورة نفي الملازمة مسلّمة أيضاً.

والدليل على ذلك هو نفي مستند القول الأول ونفي مستند القول الثاني وبذلك يثبت نفي الضرورتين، وعليه فالصحيح هو نفي الضرورة من كلا الطرفين لا ضرورة ثبوت الملازمة ولا ضرورة نفي الملازمة لبطلان الدليل على كليهما.

كلامٌ في تطبيق قاعدة الملازمة في المقام: -

لو سلَّمنا بقاعدة الملازمة بين حكم العقل بقبح الفعل المتجرى به وبين حكم الشرع بالحرمة فهل يمكن التمسك بالملازمة لاثبات حرمة الفعل المتجرى به أو لا؟

والجواب: - قد ذكر وجهين لاثبات عدم الامكان: -

الوجه الأول: - ما ذكره الشيخ النائيني(قده) وحاصله: - إذا كان الفعل المتجرى به قبيحاً واردنا أن نثبت الحرمة الشرعية ففي كيفية ثبوت الحرمة الشرعية للفعل المتجرى به ثلاثة احتمالات وكلها باطلة، وإذا كانت باطلة فلا يلزم من قبح الفعل المتجرى به حرمته، والاحتمالات الثلاثة هي: -

الاحتمال الأول: - أن تكون الحرمة ثابتة للفعل المتجرى به بنفس الدليل الأولي -وهو دليل حرمة شرب الخمر مثلاً-.

الاحتمال الثاني: - أن نثبت حرمة الفعل المتجرى به بدليلٍ خاص وارد في المتجري بعنوانه - بحيث يقول أيها المتجري يحرم عليك هذا السائل الذي تقطع بكونه خمراً -.

الاحتمال الثالث: - أن تثبت حرمة الفعل المتجرى به بدليل واحد ثابت للاثنين معاً - يعني للعاصي الذي قطعه مصيب للواقع وللمتجري الذي قطعه ليس بمصيب - فتثبت بهذا الدليل الواحد حرمتان حرمة للمتجري وحرمة للعاصي.


[1] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص153.