الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - هل الفعل المتجرى به حرام حسب الأدلة الأولية أو لا؟، البحث في قاعدة الملازمة - مبحث التجري - حجية القطع.

ثالثاً: - لا محذور في أن يكون متعلق التكليف بترك شرب الخمر هو الخمر الواقعي المقطوع بخمريته المطابق للواقع، والوجه في ذلك هو أنَّ القاطع دائماً يعتقد أنَّ قطعه مطابق للواقع، فهذا تكليف مقدور لأنَّ كل قاطع يرى أن قطعه مصيب ومطابق للواقع، فلا يلزم من ذلك محذور التكليف بغير المقدور.

كما أنه بقطع النظر عن مسألة كونه مقدوراً نقول هناك جواب آخر: - وهو أنَّ لمطلوب في باب الخمر هو الترك لا الفعل، والترك لا يتوقف على مطابقة القطع للواقع.

نعم قد يقال إنَّ الفعل غير مقدور؛ إذ قد يكون القطع غير مطابق للواقع، وأما الترك فلا يتوقف على مطابقة القطع للواقع، فإنَّ القطع بكون هذا الشيء خمراً سواء كان مطابقاً للواقع أم لم يكن موافقاً له تركُهُ مقدورٌ، فلا يلزم من ذلك محذور التكليف بغير المقدور.

وبهذا اتضح أنه يمكن اثبات حرمة الفعل المتجرى به تمسكاً بالأدلة الأولية.

 

وأما امكان اثبات حرمة الفعل المتجرى به بناءً على قاعدة الملازمة: -

فتقريب ذلك أن يقال حيث إنَّ الفعل المقطوع بحرمته قبيح - على ما نختاره - فحينئذٍ كل ما حكم العقل بقبحه يحكم الشرع بحرمته، فنضم قاعدة الملازمة ويثبت بذلك حرمة الفعل المتجرى به.

ولكن هذه الملازمة لا تأتي بناءً على رأي الأعلام الثلاثة - الشيخ الأعظم والخراساني والنائيني - حيث أنكروا قبح الفعل المتجرى به، وإنما تأتي بناءً على من يرى أنّ الفعل المتجرى به قبيح فتثبت حينئذٍ حرمة الفعل المتجرى به.

وحيث انجرَّ الكلام إلى قاعدة الملازمة فلنبحث قاعدة الملازمة وأنها تامة أو لا.

 

البحث في قاعدة الملازمة: -

ويوجد فيها اقوال ثلاثة: -

القول الأول: - يرى ضرورة الملازمة وأنَّ كل ما حكم العقل بقبحه حكم الشارع بحرمته.

القول الثاني: - يرى العكس تماماً، حيث يدّعي ضرورة العدم.

القول الثالث: - انكار الضرورة من كلا الطرفين لا من جهة ضرورة الملازمة ولا من جهة ضرورة عدم ثبوت الملازمة.