الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التعليق على ما ذكره السيد الشهيد(قده) -سلب الحجية عن القطع - حجية القطع.

وفي مقام التعليق على ما افاده السيد الشهيد(قده)نقول: -

أولاً:- يمكن أن نقول إنَّ العلمان لا يقصدان الاحتمالات الثلاثة التي ذكرها السيد الشهيد(قده)، بل يقصدان أنه مع قطع المكلف بحرمة الشيء مثلاً لا يمكن أن يجعل الشارع الرخصة في حقه فإنه لا يتقبّل ذلك - فالمحذور ليس هو الاجتماع في عالم المحركية والامتثال أو الاجتماع في عالم الملاك - كما لو قطع المكلف بكون هذا المائع خمراً فهنا لا يمكن للمكلف أن يتقبل كونه مباحاً، وكما لو قطع بكون الوقت الآن نهاراً فلا يمكن أن يتقبل كونه ليلاً، فمقصود العلمين هو أنَّ سلب الحجية عن القطع بالحرمة بجعل الاباحة لا يتقبله المكلف لا كما ذكر السيد الشهيد(قده).

إن قلت: - إنَّ هذا المحذور يلزم أيضاً في باب الحكم الظاهري والحكم الواقعي، فإنه يمكن أن يكون الحكم الواقعي للتدخين مثلاً هو الحرمة فإذا جعل الشارع الاباحة له بقاعدة ( كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام ) فسوف يكون هذا الجعل صحيحاً ويُحكم بالاباحة، فكيف أمكن هذا في باب الحكم الظاهري والواقعي ولم يمكن في مقامنا، فما هو الفارق بينهما؟

قلت: - إنه في مثال جعل الاباحة للتدخين مع كونه حراماً واقعاً المفروض هناك أنَّ التدخين هو حرام واقعاً وهذا صحيح ولكن لا علم ولا قطع للمكلف بهذه الحرمة وإنما يوجد عنده شك في ذلك، وهنا لا بأس للشارع أن يجعل الاباحة في حقه حالة الشك، بينما في محل كلامنا المكلف قد قطع بالحرمة فلا يمكن حينئذٍ جعل الإباحة في حقه لأنَّ العاقل لا يمكن أن يتقبّل الحكم بالاباحة مع قطعه بالحرمة، وعليه فهذا الاشكال لا يأتي في تشريع الاحكام الظاهرية عند الجهل بالأحكام الواقعية لأنه في موردها يوجد جهلٌ بالحكم الواقعي.

ثانياً: - ذكر السيد الشهيد(قده) في الاحتمال الأول إنَّه لا مانع من اجتماع الحرمة والاباحة لأنهما اعتباران ولا مانع من اجتماع الاعتبارين المتنافيين، ولكن نقول:- صحيح أنهما اعتباران ولكن يقبح صدور ذلك من الحكيم إلا لمبرراتٍ عقلائية، فهو لا يجعل الاباحة في مورد الحرمة إلا لمبررات عقلائية، كما إذا كان المكلف جاهلاً بالحرمة فهنا يوجد مبرر عقلائي لجعل الاباحة في حقه – وهو أنَّه ليس بقاطع بالحكم - فيجعل له الاباحة للتوسعة عليه فيقول:- ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون )، وهذا بخلافه في مقامنا فإنه لا يمكن جعل الاباحة في مورد القطع بالحرمة فإنّه غير متقبّل عند القاطع، وفكرة كونهما اعتباران لا معنى للاستعانة بها.

هذا وقد ذكر العلمان مناقشة أخرى لدعوى استحالة سلب الحجية عن القطع فقالا: - إنه يلزم من ذلك محذور آخر، وهو أنه لا يمكن جعل حكمٍ آخر- كالإباحة - في مورد القطع، فإنَّ الحجية أمرٌ ذاتي للقطع كالزوجية للأربعة، فكما لا يمكن سلب الزوجية عن الأربعة لأنه من سلب الامر الذاتي عن الذات كذلك لا يمكن سلب الحجية عن القطع لأنها أمر ذاتي له.