45/03/30
تكلمنا فيما سبق عن حجية القطع وبقي شيء من الحديث عنه نكمله الآن، وحاصله إنَّ الشيخ الخراساني(قده) ذكر في كفايته أنَّه لا يمكن اثبات الحجية للقطع بالجعل التأليفي وإنما هي ثابتة له بالجعل البسيط، قال:- ( لا شبهة في وجوب العمل على وفق القطع عقلاً ... وتأثيره في ذلك لازم ... ولا يخفى أن ذلك لا يكون بجعل جاعلٍ بعدم جعلٍ تأليفي حقيقةً بين الشيء ولوازمه بل عَرَضاً بتبع جعله بسيطاً )[1] .
وعبارته واضحة في أنَّ اللوازم التي لا تنفك عن الشيء لا يمكن جعلها بالجعل التأليفي لذلك الشيء - والجعل التأليفي هو اثبات شيءٍ لشيء - وإنما الممكن هو الجعل البسيط، بمعنى أنه يجعل الأربعة مثلاً فتحدث الزوجية لها بشكلٍ قهري، لا أنه يُوجِد الأربعة ثم يجعل ويُوجِد الزوجية لها ويجعلها بجعلٍ آخر، وعليه فالحجية حيث أنها من اللوازم الذاتية للقطع فلا يمكن أن تجعل له بنحو الجعل التأليفي، بل الممكن هو جعلها بالجعل البسيط بأن يخلق المولى القطع في قلب المكلف فتتحقق بذلك الحجية بالتبع لأنها من لوازم القطع من دون جعلٍ ثانٍ لها بعد جعل القطع وايجاده.
ومما ذكرنا يتضح أننا لا نحتاج إلى عقد مسألتين كما قد توحي به عبارة صاحب الكفاية(قده) احداهما بعنوان وجوب امتثال الاحكام الشرعية وثانيهما باسم حجية القطع، بل لنعقد مسألة واحدة وهي أنه لا اشكال في تشريع أحكامٍ في الشريعة - وهي المسألة الأولى - ثم يذكر لها مكمّل فيقال (والقدر المتيقن من وجوب الامتثال هو الاحكام المقطوعة)، وهذا يكفي.
وعلى هذا الأساس لا اشكال في ثبوت وجوب امتثال الاحكام الشرعية القطعية وجوباً عقلياً.