الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - البيان الثالث لكون الحسن والقبح عقليان، الاحتمال الثالث في حجية القطع - الأقوال في حجية القطع - حجية القطع.

البيان الثالث: - ما يلوح من الشيخ العراقي(قده)[1] وحاصله:- إنَّ العقل يحكم بلزوم التحرك على طبق القطع لا بمعنى الادراك بل بمعنى الحكم الابتدائي.

ومقصوده إنَّ العقل هو الذي يحكم ابتداءً بلزوم اتباع القطع بالحكم والعمل على طبقه لا أنه يكشف عن الواقع ويحكي عنه، وعليه فحجية القطع سوف تصير حكماً عقلياً ولكن بمعنى أنه يحكم ويثبت الحجية للقطع ابتداءً لا أنه يكشف أو يستكشف أنه واقعاً الحكم بالقطع حجة ككشفه عن كون الأربعة زوج.

وفي مقام التعليق نقول:- إنَّ العقل عادةً لا يحكم ابتداءً بذلك، بل كل ما يصدر عنه من احكام هي بنحو الكشف عن الواقع حتى في مثل حكمه باستحالة اجتماع النقيضين، فنحن نتمكن أن نقول إنَّ الاستحالة ليست هي حكماً من العقل بمعنى أنه يثبت الحكم بعدما لم يكن ثابتاً وإنما هو يحكي عن الواقع، يعني أنَّ الاستحالة ثابتة واقعاً وقد ادركها العقل، فشأن العقل هو الادراك بمعنى الكشف وليس بمعنى الاثبات الابتدائي، فحينما نقول هذا مما يحكم به العقل - كحكم العقل بكون الأربعة زوج - فالمقصود ليس هو الحكم التأسيسي الابتدائي بل بمعنى الكشف، فالثابت للعقل عادةً هو الكشف عمّا هو ثابت وقعاً لا الاثبات واقعاً، فما ذكره من كون العقل هو الذي يثبت الحجية للقطع لا نسلّمه، بل الحجية ثابته له والعقل يكشفها كسائر الأمور.

الاحتمال الثالث لحجية القطع: - ما صار إليه السيد الشهيد(قده)، وهو أنَّ حجية القطع ثابتةٌ بحكم العقل بسبب حق الطاعة.

والمقصود من ذلك أنَّ هناك بحثان تعرض إليهما الاعلام احدهما بحث حجية القطع وثانيهما بحث حق الطاعة وأنَّ الله عزَّ وجل هل له حق الطاعة أو لا؟، وقد تعرضوا إلى البحث الأول في علم الأصول وبحثوا أنَّ القطع منجز للأحكام أو ليس بمنجز؟، كما تعرضوا إلى البحث الثاني في علم الكلام، فهم فصلوا بين هذين البحثين وكان المناسب بحثهما معاً في علم الأصول فنقول إنَّ الله عزَّ وجل هو خالقنا والمنعم علينا فله حق الاطاعة علينا قد ثبت له هذا الحق علينا بسبب المنعمية ولكن في أي دائرة ثبت له في حقنا فهل هو ثابت في دائرة الاحكام المقطوعة أو يعم الاحكام المظنونة أو يعم الاحكام المحتملة ايضاً بحيث يكفي الاحتمال لثبوت حق الطاعة؟ والقدر المتيقن من حق الطاعة هو التكاليف المقطوعة.

وبناءً على هذا سوف يصير القطع بالتكليف ثابتاً ومنجزاً لا بحكم العقلاء الذي ذهب إليه الشيخ الأعظم(قده)، ولا بحكم العقل الذي ذهب إليه المشهور، بل لأنَّ حق الطاعة وسيعٌ والقدر المتيقن منه هو القطع بالتكليف.


[1] نهاية الأفكار، البروجردي، الشيخ محمد تقي، ج3، ص7.